قُلناها سابقاً. قضية الشراكة أخطر وأعقد وأدق من أن تُحل باجتماعات من هنا ولقاءات من هناك، على أهمية التشاور والحوار. الشراكة هي أساس الوحدة الوطنية، والتعبير عن ميثاق الجمع بين اللبنانيين، ومرتكز النظام السياسي والمؤسسات الدستورية.
فما إن انتهت ولاية الرئيس الذي أعاد للجمهورية رمزيتها، وللبنان هيبته، وللدولة استقرارها السياسي القائم على التوازن والسعي لبنائها، حتى انفتحتْ شهية ذئاب منظومة التسعينات لإعادة لبنان إلى العصر الأسود، حين سُرقت الدولة ونُهبت وجوفت. والذئاب لا تشبع، وتوهمت أنها تستطيع استباحة الشراكة والدستور والقوانين حتى في المؤسسة العسكرية، فباتت الدولة أشلاء في عهدتها، والمرتكزات أمام الإهتزازات العميقة.
تبعاً لذلك، انتفض التيار الوطني الحر حاملاً كعادته ثقل المواجهة. حذّر وفنّد ووضع الإصبع على الجرح. لكن طالما أن الآذان لا تزال غير صاغية، فإن الأمور قد تتجه إلى مستويات مختلفة، وتصعيدية.
هذه الخلاصات السياسية، هي ما أوضحها رئيس "التيار" في مقابلته التلفزيونية بالأمس. لا بل أن التوضيح اقترن بتأكيد اللجوء إلى كل الوسائل وصولاً إلى العصيان المدني، إن استمر إلغاء مكون بأكمله، خاصة وأن التيار الوطني الحر كان دائماً إلى جانب كل المكونات اللبنانية، في لحظات تهميشها ومحاولة تغييبها.
باسيل قرنَ التحذير بمد اليد إلى الجميع، بعدما وضع الجميع، مسيحيين ومسلمين، أمام مسؤولياتهم. فبكركي باتت مدعوة للعب دور جامع في هكذا تحديات مصيرية، وكذلك الأحزاب، مسيحيةً كانت أم وطنية.
وبالتالي، يصبح الحل الرئاسي لدى الثنائي الشيعي، للتنازل عن سياق فرض مرشح معين، والذهاب نحو التفاهم الوطني والحوار، في استيلاد رئاسة الجمهورية، بالشراكة، وعبر احترام إرادة المسيحيين اللبنانيين أولاً.
أما في حماية لبنان، فإزاء التضامن الكامل في مواجهة إسرائيل و"جنون نتنياهو التوراتي"، تأكيد لمنع استخدام لبنان ساحة من قبل قوى غير لبنانية تحاول استدراجه إلى مشاريع مجهولة، دفع لبنان ثمناً غالياً لمنع تكرارها.
من هنا، يصبح تكامل خطاب التيار الوطني الحر تجسيداً لمسيرته ومواقفه، والتي لا يمكن أن تتزحزح قيد أنملة عن الحق بالوجود، والشراكة الوطنية الكاملة، وبناء الدولة وإنقاذها من براثن من استباحها...