توفي ما لا يقل عن 15 طفلا بسبب الجوع والجفاف في مستشفى واحد، وفقا لوزارة الصحة في المنطقة التي تديرها «حماس».
والتقطت وسائل الإعلام، صوراً مروعة لأطفال أصابهم الهزال بعيون غائرة ووجوه نحيلة.
في نهاية الأسبوع الماضي، تمكن عاملون في منظمة الصحة العالمية من زيارة مستشفيات في شمال غزة للمرة الأولى منذ أكتوبر (تشرين الأول)، حسبما قال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الاثنين.
وأضاف أنهم أبلغوا عن «مستويات حادة من سوء التغذية، وأطفال يموتون جوعا، ونقص خطر في الوقود والغذاء والإمدادات الطبية، ومباني المستشفيات المدمرة».
في جميع أنحاء غزة، يواجه 90 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً والنساء الحوامل والمرضعات فقراً غذائياً حاداً، وفقاً لتقرير صدر قبل أسبوعين عن مجموعة التغذية العالمية، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغذية وتقودها «اليونيسف».
وأضافت المجموعة أن ما لا يقل عن 90 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية.
وتلقي منظمات الإغاثة العاملة على الأرض باللوم على إسرائيل التي شنت حربا ضد «حماس» في أعقاب هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، في منع دخول ما يكفي من شاحنات الغذاء إلى غزة.
وقالت لجنة الإغاثة الدولية في بيان: «بصفتها القوة المحتلة في غزة، تقع على عاتق إسرائيل مسؤولية ضمان حصول السكان الخاضعين للاحتلال على الإمدادات الغذائية والطبية. إن الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين وسيلةً من وسائل الحرب من خلال حرمانهم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد إعاقة إمدادات الإغاثة على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف، يعد جريمة حرب».
وقال برنامج الأغذية العالمي الثلاثاء إن القوات الإسرائيلية منعت قافلته عند حاجز تفتيش من التوجه إلى شمال قطاع غزة.
والأسبوع الماضي، فتحت القوات الإسرائيلية النار على فلسطينيين تدافعوا للحصول على المساعدات الغذائية في حالة من الفوضى، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص.
وبدأت طائرات عسكرية أميركية في إلقاء عشرات الآلاف من وجبات الطعام، على الرغم من أن وكالات الإغاثة تقول إنها طريقة غير فعالة للحد من الأزمة.
تأثيرات مدى الحياة
وقالت دابني إيفانز، مديرة مركز الطوارئ الإنسانية في جامعة إيموري، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الصور الواردة من غزة تشير إلى أشد أشكال سوء التغذية، بما في ذلك «الهزال» الذي يشير إلى تدن شديد في الوزن بالنسبة لطول الجسم، نتيجة الانخفاض الحاد في السعرات الحرارية في فترة قصيرة.
وقالت إيفانز: «بدأت أجسادهم تنهار وهم في حالة صدمة»، موضحةً أن إعادتهم إلى حالة صحية جيدة تتطلب رعاية طبية دقيقة تحت إشراف، وليس مجرد إعطائهم الطعام الذي قد يكون خطراً.
وقال عماد دردونة، طبيب الأطفال في مستشفى كمال عدوان، وهو مستشفى الأطفال الوحيد في شمال غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الطاقم لديه الإمدادات اللازمة لعلاج نحو نصف الحالات فقط بشكل مناسب.
وأضاف: «ليس لدينا ما نقدمه لهم، أقصى ما يمكننا القيام به من أجلهم هو إما إعطاؤهم محلولاً ملحيا أو محلولاً سكرياً». وإذا طال أمد سوء التغذية فإنه سيؤدي إلى عواقب طويلة المدى مثل تقزم النمو وتراجع القدرة على التعلم وضعف الجهاز المناعي.
وقالت آنو نارايان، مستشارة «اليونيسيف» لشؤون تغذية الأطفال، للوكالة الفرنسية إنه من المرجح أن يكون هناك «تأثير مدى الحياة» على بعض الأفراد على الأقل.
وأضافت: «نعلم أنه يمكن أن يؤثر على النمو المعرفي للأطفال ويكون له تأثير على المدى الطويل على دخلهم وقدرتهم على العمل بكامل طاقتهم».
خلص باحثون من جامعة كاليفورنيا في بيركلي مؤخرا إلى أن الأشخاص الذين ولدوا خلال المجاعة الصينية الكبرى قبل أكثر من 60 عاما، وأبناءهم وأحفادهم، لديهم معدلات أعلى بكثير من مرض السل، «ما يشير إلى تأثير غير معترف به سابقا بين الأجيال للتعرض للمجاعة قبل الولادة وفي بداية الحياة».
جميع العوامل موجودة
منذ عام 2004، أصبح للمجاعة تعريف رسمي. فهي تحدث عندما يواجه ما لا يقل عن 20 بالمائة من السكان نقصاً حاداً في الغذاء، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد 30 في المائة، ويموت اثنان من كل 1000 شخص بسبب الجوع يومياً.
وفي حين أن الكلمة مخيفة ولديها القدرة على التحفيز على التعبئة العالمية، فقد تم إعلان المجاعة رسمياً مرتين فقط في العقد الماضي: في الصومال في عام 2011، وفي جنوب السودان في عام 2017.
لكن نارايان قالت للوكالة الفرنسية إنه ليس من المنطقي التركيز على أن أزمة غزة لم تصل بعد إلى أعلى تصنيف ممكن، موضحة أننا «رأينا أن جميع العوامل التي تعرض الناس، وخصوصا الأطفال الصغار، لمثل هذه المخاطر العالية، موجودة».