وتعاني العائلات في قطاع غزة من عدم توفر حفاضات الأطفال بشكل كاف في الأسواق، وعدم قدرتها على شراء كميات منها بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعارها لأكثر من 20 ضعفاً.
ومع نزوح معظم سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتكدس أكثر من نصفهم في منطقة رفح بالقرب من الحدود مع مصر، يجعل نقص الحفاضات الحياة بائسة للأطفال وأولياء أمورهم، ولإيجاد بديل محلي للحفاضات عملت مجموعة من النساء في مصنع خياطة برفح جنوب قطاع غزة على صنع حفاضات الأطفال البسيطة من خلال إعادة تدوير ملابس الوقاية الطبية الخاصة بجائحة كورونا.
المبادرة جاءت من ميساء القططي، صاحبة مشغل خياطة في رفح، عندما وجدت فكرة لإنتاج بديل محلي لحفاضات الأطفال، وتقول ميساء لوكالة “سبوتنيك” عن مبادرتها: “بسبب إستمرار الحرب عل القطاع، وعدم توفر الحفاضات بالسوق إلا بسعر مرتفع جداً، لذلك ابتكرنا صنع حفاضات لا تسرب المياه، فاستخدمنا أقمشة كورونا، لتوفرها بالسوق، وفي نفس الوقت عدم توفر بديل آخر، ووجدناها لا تسرب المياه نوعاً ما”.
وأضافت: “قسمنا الاقمشة إلى قطع صغيرة، واستخدمنا الشاش والقطن الطبي الموجود بالمستشفيات، كبديل لحبيبات الامتصاص الموجودة داخل الحفاضات، وواجهتنا مشكلة عدم توفر لاصق ومشد في السوق، لكننا استخدمنا ماكينة الخياطة لتثبيت القطع ببعضها”.
وتباع القطعة الواحدة من الحفاضات التي تصنعها ميساء وزميلاتها في المشغل المحلي بشيكل واحد (0.30 دولار)، وتصل إلى المستهلك بسعر يصل إلى 5 شواكل (نحو 1.5 دولار)، وكان إقبال الناس على شرائها كبيرا، خاصة أنَّ سعر الحفاضات المستوردة مرتفع جداً.
فرص عمل
ومن أهداف هذا المشروع هو إيجاد فرص عمل لبعض النازحات، كما حدث مع النازحة أم أحمد، التي اضطرت وعائلتها للنزوح إلى رفح من شمال القطاع، بعدما دمر الجيش الاسرائيلي منزلهم، وقد اعتادت القدوم لشراء الحفاضات من المشغل بسعر أقل لأحفادها، ولقد أعجبتها جودة الحفاضات التي تصنعها ميساء وزميلاتها، وحصلت أيضاً على فرصة عمل في هذا المشروع.
وتقول أم أحمد لـ”سبوتنيك”: “الفكرة ممتازة، ساعدت الناس في هذه الظروف الصعبة، وهذه الحفاضات جيدة وتفي بالغرض، والفكرة خدمت المجتمع كله، ولقد اشتريتها أكثر من مرة لأحفادي، وكانت ممتازة، ولقد وفر لي هذا المشغل فرصة عمل”.
وتضيف: “أتمنى أن تزداد الأفكار التي تخدم المجتمع، خاصة المبادرات التي تدعم وثبت أبناء شعبنا في هذه الظروف”.
إضافة إلى أم أحمد يعمل في هذا المشغل 14 عاملاً، غالبيتهم من النساء ونازحات من مدينة غزة وشمال القطاع، اضطرتهن ظروف الحياة القاسية للعمل من أجل إعالة أسرهن، ومن بين هذه العاملات منى السعيد، التي جاءت لشراء المنتج وحصلت على فرصة عمل، وتشتكي منى من إرتفاع أسعار الحفاضات المستوردة في الأسواق.
وتقول: “أسعار الحفاضات المستوردة في السوق من 250-200 شيكل ( 70-50 دولار)، ولا يستطيع الناس شراءها، ولقد سمعنا عن هذا المنتج وعن جودته، هو بديل جيد ويمكن أن تبقى الحفاضة الواحدة لمدة 12 ساعة، وسعرها مناسب للجميع”.
العقبات أمام توسيع مشروع الحفاضات، تكمن في قلة الماكينات، وضعف الإنتاج بسبب نقص المعدات المطلوبة وعدم توفر المواد الخام وانقطاع التيار الكهربائي واستخدام مولد صغير لتشغيل ماكينات الخياطة، وتقول ميساء لوكالة “سبوتنيك”: “كنا نرغب في إيجاد فرص عمل للكثيرين، ولكن الماكينات صغيرة وقليلة، وبالرغم من الإقبال الشديد على المنتج، إلا أنَّ الإنتاج قليل ولا يغطي احتياج السوق”.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تفرض إسرائيل قيوداً، مشددة على المساعدات الإنسانية التي تسمح بتوريدها لقطاع غزة، ما تسبب في شح السلع والبضائع من الأسواق، وارتفاع حاد في الأسعار، وتشكو لجنة الطوارئ الصحية في رفح من أنَّ نسبة كبيرة من المواد الطبية التي تصل عبر معبر رفح ضمن شاحنات المساعدات الإنسانية ليست ذات أولوية، ومنها كميات من ملابس الوقاية ولقاحات كورونا.