بين سندان الحرب ومطرقة الجهود الدبلوماسية الساعية الى تجنبها، جاءت مبادرة تكتل “الاعتدال الوطني” لتحرك المياه الراكدة في البازار الرئاسي الذي يتصدّر لائحة مرشحيه الجديين رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، فيما لا يزال التخبط يسود موقف قوى المعارضة والضبابية تلف الاسم الذي سيرشحونه ويعملون على ايصاله الى قصر بعبدا.
التكتل الذي يزور بكركي اليوم لاطلاع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على فحوى طرحه، يدرك ان تماسكه وقربه من جميع الكتل السياسية في المجلس النيابي جعل منه “بيضة القبان” في أي قرار يطرح للتصويت داخل أروقة البرلمان. فهل يتوقع التكتل نجاح مبادرته وافضائها الى ملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى؟
في التفاصيل ، تنص المبادرة على عقد “جلسة نقاش” يشارك فيها ممثلون عن الكتل النيابية الأساسية والنواب المستقلين وذلك داخل مجلس النواب، على ان يشارك فيها على الأقل 86 نائباً، وهو عدد النواب المطلوب توفره في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية للاصوات في الدورة الأولى ولتأمين النصاب في الدورة الثانية.
كما تطلب المبادرة ان يتم خلال هذه الجلسة اقتراح اسمين او ثلاثة مع تعهد جميع المشاركين فيها بعدم التغيب عن حضور أي جلسة لانتخاب الرئيس يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري او تطيير نصابها.
وفيما تلقفت معظم الكتل النيابية المبادرة الرئاسية بإيجابية، يبدو ان تكتل “الاعتدال الوطني” قد نجح في كسر تعنت البعض الرافض لمبدأ الحوار الذي قامت على أساسه المبادرة الأخيرة للرئيس نبيه بري لا سيما القوات اللبنانية التي اكد رئيسها سمير جعجع ان مبادرة تكتل الاعتدال مقبولة جداً، وذلك بإستبدال عبارة “حوار” بكلمة “نقاش”. وعليه بات اكيداً ان رفض طرح رئيس المجلس النيابي جاء على قاعدة الكيدية السياسية لا غير.
توازياً، تشير معلومات الى ان المقترح الذي يجول به التكتل على مختلف السياسيين قد نال رضى سفراء اللجنة الخماسية لا سيما السفيرين السعودي وليد البخاري والمصري علاء موسى، وسيتولى امين سر التكتل النائب السابق هادي حبيش اطلاع السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو على مضمون المبادرة.
وبانتظار ان تكتمل الجولة على مختلف الافرقاء السياسيين ورؤساء الطوائف، يأمل نواب “الاعتدال الوطني” في ان تصل الأمور الى خواتيمها المرجوة ويتم انتخاب رئيس للجمهورية.
اذاً، هي مبادرة جيدة استطاعت ان تنتزع وعداً قاطعاً من مختلف الأطراف بالمشاركة في جلسة نقاش لايجاد حل للمعضلة الرئاسية. وسواء وصل “الاعتدال الوطني” الى غايته المنشودة او لم يصل، ستبقى تسجّل له انه تمكن من جمع ما فرّقته السياسة على طاولة واحدة لأجل لبنان.