ليس موقف الوزير السّابق وئام وهّاب، يوم أمس، عن أنّ إستحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية قد دخل في “الكوما”، هو الموقف الوحيد الذي عبّر عن تشاؤمه في أنّ لا إنتخابات رئاسية في الأفق القريب، ذلك أنّ تراكم المواقف السّياسية، وتقاطعها، عن أنّ الفراغ في رئاسة الجمهورية طويل، ترك إنطباعاً أنّ الأشهر المقبلة، وربّما حتى نهاية العام الجاري، ستكون صعبة جدّاً على لبنان والمنطقة.
فعندما يشير وهّاب إلى أنّ اللجنة الخماسية (تضم الولايات المتحدة والسّعودية وفرنسا ومصر وقطر) المكلّفة مناقشة الملف اللبناني قد “فرطت” وأنّ السعودية حالياً “بإنتظار مباحثاتها مع إيران”، بعدما كان سبقه قبل أيّام موقف لافت للرئيس سعد الحريري إبّان وجوده في لبنان لأسبوع للمشاركة في ذكرى إغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط الجاري، بأنّ “لا إنتخابات رئاسية قريباً”، إضافة الى مواقف أخرى مشابهة، فإنّ ذلك ليس مجرد مصادفة عابرة.
والواقع أنّ انفراط عقد اللجنة الخماسية لم يكن ينتظر موقف وهّاب منها، ذلك أنّ الخلافات التي ظهرت إلى العلن بين سفرائها في لبنان، في أواخر شهر كانون الثاني الماضي، أشارت بكلّ وضوح إلى أنّ عمل اللجنة الخماسية هو لتقطيع الوقت بانتظار “نضوج” التسوية الكبرى في المنطقة، وخصوصاً بما يجري من مباحثات بين إيران والسّعودية من جهة، وبين الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى، وقبل ذلك وبعده إنتظار ما سيسفر عنه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة الذي اقترب من طيّ شهره الخامس، مقابل الصّمود الأسطوري لقوى المقاومة في القطاع.
لكنّ بعض ما تضمّنه موقف وهّاب دلّ على أنّ أياماً بالغة الخطورة والصعوبة تنتظر لبنان، ليس بقوله إنّ “هناك أزمة غذائية في لبنان” ودعوته اللبنانيين قبل أيّام لتخزينها لأنّ “الحرب قادمة”، بل بإعلانه صراحة أنّه اشترى صواريخ “جافلين” من السّوق السّوداء في أوكرانيا كما أنّ حزب الله إشتراها أيضاً. وإذا كان شراء حزب الله هذه الصّواريخ وحصوله عليها وغيرها مبّرراً ومفهوماً، فإنّ شراء وهّاب هذه الصواريخ لا يطرح فقط تساؤلات حول لماذا اشتراها، ولأيّ أهداف، إنّما هل اشترى هذه الصواريخ وأسلحة أخرى أحزاب وقوى لبنانية أخرى لها باعٌ طويلٌ تاريخياً أيّام الحرب الأهلية، في شراء شتّى أنواع الأسلحة، سواء من السّوق السوداء أو من حلفاء، لاستخدامها في معاركها بمواجهة خصوم الداخل.
كلّ ذلك ينبىء، في ظلّ التعقيدات الكثيرة التي تواجه الأزمة السّياسية القائمة، والأبواب الموصدة على الحلول أنّ فوضى أمنية مقبلة على لبنان، لا أحد يعرف إنْ كانت فوضى شاملة أو موضعية، لكن إنْ اندلعت شرارتها فإنّ أحداً لا يعرف كيف ومتى ستنتهي، ولا الأثمان الباهظة التي سيدفعها اللبنانيون على كلّ الصّعد.