تنتهي يوم الإثنين المقبل، 26 شباط الجاري، المهلة القانونية التي يفترض أن يوجّه خلالها وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي دعوة للهيئات الناخبة لإجراء الإنتخابات البلدية، التي ينصّ القانون أن يوجّه مولوي هذه الدعوة قبل 90 يوماً من موعد هذه الإنتخابات التي يفترض أن تجري أواخر شهر أيّار المقبل، وسط مؤشّرات لا توحي أنّه سيقوم بتوجيه هذه الدعوة، وأنّ تمديد ولاية المجالس البلدية باتت أمراً واقعاً.
في الثاني من شهر شباط الجاري زار مولوي رئيس مجلس النواب نبيه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، ليبحث معه في المخارج الممكنة لهذا الإستحقاق قبل أن تحين المهل القانونية والدستورية، واتخاذ الإجراءات المطلوبة لتلافي حصول أي فراغ أو إشكاليات في السلطات المحلية، وتدارك الأمور مسبقاً.
بعد اللقاء خرج مولوي ليقول إنّه وضع برّي “في أجواء تحضيرات وزارة الداخلية للإنتخابات البلدية وفقاً للقانون، بخاصّة أن هناك مهلاً قانونية ودستورية، وبالتالي من واجبات وزارة الداخلية القيام بكل التحضيرات اللازمة تطبيقاً للقانون ضمن المهل”، مشيراً إلى أنّ وزارته “نشرت قوائم النّاخبين تطبيقاً للقانون”، وأنّه أطلع برّي “على بعض المشاكل التي تعاني منها البلديات”، ووعده رئيس المجلس “بإتخاذ التدابير الضرورية واللازمة لتسهيل شؤون البلديات في بعض الملفات أو تلك العالقة منها في هذه الظروف الصعبة”.
ومع أنّ مولوي لم يكشف أنّه بحث مع بري طرح تأجيل الإنتخابات البلدية والتمديد للمجالس المحلية مرّة ثالثة بعد تمديد أول عام 2022 وتمديد ثانٍ عام 2023، فإنّ كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ الأمور سائرة في هذا الإتجاه، وسط صمت مطبق من أغلب التيّارات والأحزاب والقوى السياسية التي لا تجد لها مصلحة بإجراء هذه الإنتخابات في موعدها، فضلاً عن عوامل عدّة باتت تحول دون إجرائها.
على رأس هذه العوامل يأتي التدهور الأمني في الجنوب نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم عليه منذ أكثر من 4 أشهر ونيّف، والذي يتسع نطاقه تدريجياً نحو مناطق لبنانية أخرى، ما يجعل معه متعذّراً إجراء الإنتخابات المحلية في أكثر من 25 في المئة من بلديات لبنان على أقلّ تقدير.
تمويل هذه الإنتخابات يُعتبر مشكلة أساسية لم تجد حلّاً لها، بعدما كان عدم قدرة الدولة وشبه الإفلاس الذي تعاني مالياً سبباً في عدم إجراء هذه الإنتخابات العام الماضي التي تقارب تكلفتها نحو 10 ملايين دولار، تشمل لوازم وقرطاسية وغيرها، في ظلّ نقص فادح وغير مسبوق تعاني منه إدارات الدولة على كلّ الصّعد، إلى حدّ أنّ الحدّ الأدنى من هذه اللوازم لم يعد موجوداً في أغلبها.
إلى ذلك يأتي عدم إنجاز قانون جديد للبلديات سبباً لا يقلّ أهمية عن ذريعة ستأخذ بها الدولة لتأجيل الإنتخابات البلدية، كون إجراء الإنتخابات وفق القانون الحالي يعني أنّ خللاً كبيراً في التمثيل الطائفي والمذهبي سيصيب بلديات كثيرة أبرزها بلدية بيروت، وسيفرز نتائج ستحدث أزمات سياسية حادّة يجعل إحتمال التأجيل، بالرغم من عيوبه واعتراض البعض عليه، أقل ضرراً بكثير من إجراء الإنتخابات بلا “تفاهمات” و”تسويات” سياسية ليست متوافرة.