دمشق- هدى العبود
لم يغفل الإعلامي والمخرج السينمائي محمد سمير طحان الذكرى السنوية للطفلتين «نجمة» وشقيقتها، ومعاناتهما اثر الزلزال الذي حط برحاله على الشمال السوري خاصة ودول الإقليم عامة، فتصدى لإخراج فيلم «نجمة» الذي جسد الطفولة بأحلامها البسيطة، فالفتاة كانت في بيت آمن مع أسرتها تمسك بلعبتها التي تعتبر الرديف الأهم لما تختزنه من براءة الطفولة بكل معانيها لرسم أحلامهما، حيث عمد طحان إلى تقديمها من خلال شخصيات «طفولة معذبة»، وكأنه يقول لنا إن الكاتب العالمي فيكتور هيجو قدم لنا شخصية «كوزيت» الطفلة المعذبة ليقول للعالم ان الطفولة هي الطفولة أينما وجدت على سطح اليابسة غير العادل على الإطلاق لعلها تترك أثرا في ذاكرة متابعي الشاشة.
وما بين الأمل والنجاح والرغبة في التواجد وتحقيق الذات يرسم المخرج طحان من خلال فيلمه السينمائي ملامح الشخصية شكلا، ويقدم تفاصيل مفردات الحياة اليومية للإنسان السوري، بأسلوب حكاية غلب عليها الطابع الفني، والفيلم من إنتاج: المؤسسة العامة للسينما، بطولة: مي مرهج، فراس الفقير، عبير البيطار، آيات الأطرش، والأطفال: شهد الشطة، يانا العائدي ونور الدين طحان، ومشاركة من: محمد سعيد طحان ولين طحان.
وقال المخرج طحان لـ «الأنباء»: بعد أن تحررت أغلب الجغرافيا السورية من الإرهاب، ظهرت مواضيع أكثر إلحاحا، وتم تأجيل تنفيذ هذا الفيلم من قبل المؤسسة، حتى جاءت كارثة الزلزال العام الماضي ما أعاد النص للواجهة فقمت بمعالجته ليتلاءم مع هذه الكارثة التي لا تقل عن فاجعة الحرب وما عشناه طوال السنوات العشر الماضية، وتم تنفيذه وفق الرؤية الجديدة تحت عنوان «نجمة».
وعن مضمون الفيلم، قال: النص الجديد تضمن وجود شقيقتين تعانيان فقدان لعبتهما «نجمة» مع التعمق في خط درامي آخر على خلفية الحكاية الأساسية، حيث يظهر الفقد الإنساني الحقيقي الذي عاناه الكثيرون من منكوبي الزلزال، مثل شخصية «ماري» التي فقدت ابنتها خلال الكارثة، ومن ثم حاولت أن أظهر الكثير من التفاصيل بشكل غير مباشر لأبين تكافل وتعاون أفراد ومؤسسات المجتمع السوري للتخفيف عن بعضهم البعض وبلسمة جراح المنكوبين والمتضررين من الكارثة.
وأردف: للعلم النص الأساسي للفيلم ليس جديدا وقدمناه سابقا وحاز جائزة «سيناريو الأطفال» عام 2015 من المؤسسة العامة للسينما، وكان يحمل عنوان «الدمية المحاصرة»، وهو أول نص سينمائي قمت بإخراجه وكتابته، وقدمت من خلاله قصة طفلة هجرت مع عائلتها بفعل الإرهاب وتركت وراءها دميتها، لتكابد الحزن على فراقها وهي تعيش في مركز الإيواء، ثم تأتي ممثلة متطوعة مع مجموعة من الشباب للقيام بنشاط ترفيهي للأطفال بالمركز، وتطلب منها الطفلة طلبا غريبا لم تفهمه بداية، ولكنه يعكس مقدار ألمها وتوقها لإحضار دميتها، لتبدأ رحلة هذه الشابة لتعيد للطفلة ابتسامتها من جديد، وهذا ينطبق على جميع أطفال العالم الذين عانوا من ويلات الحروب والزلازل.
وردا على سؤال يتعلق بالحذر من تقديم أفلام سينمائية لعالم الطفولة المعقد الذي يستوجب تواجد اختصاصيين بدراسة عالمهم ونفسياتهم، أجاب طحان: حقيقة لقد اعتبرت ان عالم الطفولة خلال سنوات الحرب هو مشروعي السينمائي، واعتبرها أكثر الشرائح التي عانت وتضررت، وسبق لي أن تطرقت لقضايا مهمة قبل فيلم «نجمة»، كاليتم من خلال فيلمي «إشارة حمرا» و«رائد فضاء»، وقضية التشرد في «قضبان المدينة»، وعمالة الأطفال في «أماني»، وقضية فقدان الرعاية الأسرية بفيلم «بوظة»، وهنا أعالج الفقد، ودائما أضع في حساباتي وأنا أكتب أن تصل رسالتي للأطفال وللكبار عبر معالجة القصة بعدة مستويات تمكن أغلب الشرائح من التقاطها والتفاعل معها وفهم مقولتها لتترك أثرا في نفوسهم وعقولهم وتحرضهم على التفكير في عدة نقاط مرتبطة بحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم.
وأضاف: كما سعيت عبر هذه الأفلام للإضاءة على أهمية اكتشاف المواهب ودعمها والغوص في تفاصيل كل طفل من تلك الشرائح المنكوبة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمعرفي لهم، ولمعالجة ما أصاب هذا الجيل من جروح مادية ونفسية، وبالطبع لا يزال لدينا الكثير للحديث عنه والعمل عليه، فلا مستقبل لأي مجتمع لا يعتنى بأطفاله وحاضرهم لأنهم هم المستقبل الذي يجب أن يكون مشرقا.