في الجنوب نارٌ وشهداء، وفي وسط بيروت إحياء لذكرى الرئيس رفيق الحريري بمهرجان شعبي لتيار المستقبل، وكلام مقتضب لسعد الحريري، عكس أهداف زيارته بتثبيت الحضور، في انتظار ظروف أفضل لتفعيل عمله السياسي. ويمكن اختصار زيارة الحريري ولقاءاته، بأنها تأكيد للوجود، في انتظار تغيّر الظروف الإقليمية التي ساهمت بابتعاده عن المشهد السياسي، والذي لا يكتمل وطنياً إلى بالتمثيل الصحيح لجميع المكونات اللبنانية، خاصة وأن من خبر دروس التسعينات القاسية، يدرك جيداً معاني الشعور الجماعي بعدم التمثيل والتهميش.
فقد اكتفى رئيس تيار "المستقبل" بكلمة توجه فيه لمؤيديه بعد زيارته ضريح والده داعياً إياهم مؤكداً أنه سيبقى الى جانبكم ومعهم، قائلاً: "كل شي بوقتو حلو وسعد الحريري ما بيترك الناس". وأشار الحريري للمحتشدين: "قولوا للجميع إنكم عدتم الى الساحة، ومن دونكم ليس هناك "بلد ماشي". نبض البلد هنا، حافظوا على النبض، حافظوا على البلد، ونحن سويا وانا الى جانبكم".
وفيما بيروت منهمكة بالسياسة، كان الجنوب يشتعل بالغارات الإسرائيلية التي تعتبر الأكثف منذ بداية الحرب، واستهدفت قرى متعددة في إقليم التفاح وخاصة عدشيت التي سقط فيها ثلاثة شهداء وسط جنون إسرائيلي وارتباك من كيفية التعاطي مع إقران حزب الله رسائل السيد حسن نصرالله، بالفعل. ذلك أن مناطق شمال فلسطين المحتلة تعرضت في شكل مكثف لصواريخ، باتت منذ فترة قصيرة توقع قتلى، كما حصل صباح اليوم الأربعاء، فضلاً عن الدمار الكبير والأثر المعنوي. ولا شك أن ما حصل اليوم من تكثيف لضربات حزب الله، يأتي ترجمة لمعاني خطاب الأمين العام لحزب الله بالأمس، والذي جدد فيه تحذير إسرائيل وحكومة حربها، من تجاوز الخطوط الحمر.
وبالتوازي، كان الداخل السياسي الإسرائيلي يشهد تبادلاً للإتهامات بين بنيامين نتنياهو ومعارضيه، في الوقت الذي اعتبر فيه الوزير السابق أفيغدور ليبرمان أن الشمال "الإسرائيلي" بات في حكم المنسي، في حين هدد قياديون آخرون كبني غانتس بأن المسؤول ليس حزب الله بل أيضاً حكومة لبنان.
إقليمياً، وفي وقت تواصلت الغارات والإشتباكات في غزة، سجلت زيارة بالغة الأهمية في معانيها، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بعد نحو اثني عشر عاماً من الخصومة الحادة نتيجة ثورة 2013 التي أطاحت بحكم محمد مرسي و"الأخوان المسلمين".