حسان الحسن -
خلال حقبة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، وما تلاها من إنعكاساتٍ على الوضعين الداخلي والإقليمي، كنت لا أزال صحافيًا متدرجًا في جريدة النهار، وقمت يومذاك بمتابعة الإعتصامات والتحركات الشعبية في ساحة الشهداء، المنددة "بجريمة العصر"،والتي طالبت في حينه بإنهاء الوصاية السورية على لبنان، فلازمت وسط بيروت لتغطية هذه التحركات، لمصلحة قسم المحليات السياسية في "النهار"، منذ إستشهاد الحريري في 14 شباط، إلى ما بعد إنسحاب القوات السورية من الأراضي اللبنانية في 26 نيسان 2005.
ذات غروب يوم من تلك الحقبة، شاهدت في ساحة الشهداء، رجلًا متوسط العمر، وجهه مألوف لدي، كان يصطحب فتاةً في ربيع العمر، إقتربت منه للتعرف به أكثر، عندها تذكرته جيدًا، أنه القائد الأسبق للقوات اللبنانية الدكتور فؤاد أبو ناضر، عرّفته بنفسي، وسألته عن رأيه بالأوضاع في تلك المرحلة. وصار لقائي به يتجدد يوميًا في الساحة المذكورة، من دون ميعاد.
غداة خروج الجيش السوري من لبنان، توجهت إليه بالسؤال: "دكتور، الإنسحاب السوري تم، ماذا بعد برأيكم"؟، فأجاب بثقة نفسٍ: "علينا بدء الحوار مع حزب الله، كي نفهم منه هواجسه بعد هذا الإنسحاب، وكيف ينظر إلى مرحلة ما بعد هذا الإنسحاب". وقال: "أنا كنت أقود مقاومةً واجهت مؤامرة توطين الفلسطنيين في لبنان، من واجبي محاورة مقاومةٍ مماثلةٍ لنا واجهت "إسرائيل" في لبنان". وتابع: "يتوجب علينا الحوار مع مكوّن لبنانيٍ شريك لنا في الوطن، ويربطنا به مشروعًا مشتركًا، أي المقاومة من أجل أن يبقى لبنان". إنه فؤاد أبو ناضر، السبّاق في حمل البندقية دفاعًا عن وطنه، والمبادر إلى الحوار، للحفاظ على سلامه الأهلي وعيشه الواحد ووحدته الوطنية. ولا يزال مدافعًا شرسًا بالحق عن البلد والدستور، كلما إنتهكته الطبقة الحاكمة... إنه الدكتور فؤاد أبو ناضر الذي عرفته...