قضت الأجواء والمواقف التصعيدية التي اتخذتها حكومة الكيان الإسرائيلي والعدوان الذي يشنّه جيش الإحتلال على قطاع غزة، على الآمال القليلة والضعيفة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وتحدثت بتفاؤل حذر عن قرب التوصل إلى اتفاق تسوية من شأنه أن ينهي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد مرور 129 يوماً عليه.
هذه الأجواء التي جعلت منسوب القلق يرتفع في قطاع غزّة وفلسطين المحتلة والمنطقة مردّه أنّ رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو أكد يوم أمس إصراره على اقتحام جيش الإحتلال منطقة رفح في جنوب القطاع المحاصر بالقرب من الحدود من مصر، معتبراً أنّها تمثل المعقل الأخير لحركة حماس في القطاع، ما يهدّد نحو مليون ونصف مليون غزّاوي محاصرين في المنطقة من ارتكاب حرب إبادة ومجزرة بحقهم لعلها ستكون، في حال حصولها، الأكبر والأبشع في التاريخ المعاصر، وبتواطؤ يدعو للخجل من المجتمع الدولي وعلى مرأى ومسمع منه، وعلى رأسه الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، ومن دول في المنطقة.
موقف نتنياهو التصعيدي جاء بعد ردّ حركة حماس على المبادرة الأخيرة التي طرحت خلال اجتماع جرى في العاصمة الفرنسية باريس، حيث أعلن رئيس حكومة الكيان عن رفضه شروط حماس لإنهاء الحرب، واعتبر أنّ القبول بها يعني هزيمة له وللكيان، ما دفعه إلى التشدّد والقول أنه مستعد للتضحية بالأسرى الصهاينة الموجودين لدى قوى المقاومة في غزة، إذا كان الثمن القضاء على حماس وإعادة السيطرة على القطاع، وهو ثمن “أسود” سيأتي بلا شكّ على حساب دماء الأطفال والنساء وكبار السن والعزّل والمدنيين، وتدمير القطاع على رؤوس ساكنيه عبر اتباع سياسة “الأرض المحروقة”، بحيث يصبح غير صالح للسكن وللعيش، ما يعني برأيه القضاء على أيّ إمكانية لنشوء مقاومة ضد كيانه في المرحلة المقبلة.
هذا الإنطباع كان هو السّائد أمس بعد تصريح نتنياهو أنّ “النصر في متناول اليد. سنفعل ذلك. سنسيطر على آخر كتائب حماس، وعلى رفح، وهي المعقل الأخير”، مضيفاً “نحن نعمل على وضع خطة مفصلة لتحقيق ذلك، ولا نتعامل مع هذا الأمر بشكل عرضي”، معتبراً أنّ “أولئك الذين يقولون إنّنا يجب ألّا ندخل رفح مُطلقاً، يقولون لنا في الواقع إنّنا يجب أن نخسر الحرب، ونترك حماس هناك”.
هذه الأجواء التشاؤمية إلتقط إشاراتها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الموجود حالياً في العاصمة الروسية موسكو، حيث رأى في لقاء مع قناة “روسيا اليوم” أنّ “حلّ الدولتين كذبة جديدة من تأليف الغرب”، وأنّ “هناك محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، ولاحقاً من الضفة الغربية لإقامة وطن قومي يهودي”، لافتاً إلى أنّ “لا نيّة عند أحد إعطاء الفلسطينيين حقوقهم”، ولا “أرى إمكانية لقيام دولة فلسطينية في الوقت الحالي”، مؤكّداً أنّ “فلسطين هي القضية الأساسية وندعم كلّ من يقاوم ضد إسرائيل”، قبل أن يرسل إشارة سوداء حيال المرحلة المقبلة بقوله أنّ “حرب غزّة لن تنتهي قريباً، وهي قد تمتد 100 عام، وأنّ العدوان الحالي على غزة هو بداية هذه الحرب وليس نهايتها”.