إتهامات ومواقف كثيرة إتسمت بالشعبوية وجهت إلى قرار رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران، رقم 51، الذي اتخذه في 30 كانون الثاني الماضي، الذي قضى فيه بإعفاء عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الدكتورة هبة محمد شندب من منصبها، وتعيين زميلتها الدكتورة سهى فرج الصمد مكانها.
فمن غير أن يُكلّف أغلب من وجّهوا الإتهامات وأطلقوا المواقف أنفسهم البحث عن خلفيات أسباب القرار، ودوافعه، بادروا سريعاً إلى اعتباره “قراراً كيدياً”، و”ضرب للتعليم الجامعي الرسمي”، مدافعين عن “كفاءة” شندب، وهي كفاءة ليست موضع نقاش، إلا أنّهم ذهبوا في الإنتقادات بعيداً عن الإعتبارات الأكاديمية للقرار، وتوجيه إتهامات “سياسية” إلى كلّ من بدران ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وشنّوا حملة بدت غير مبرّرة ولا منطقية.
ربما كثيرون لم يكونوا يعلمون أنّ إسم الدكتورة الصمد، لكفاءتها ورصانتها العلمية، كان مطروحاً لتولي منصب العمادة، قبل أن يُستبدل بفعلِ فاعلٍ في اللحظات الأخيرة، وتعيّين زميلتها شندب في 24 شباط من العام الماضي، أي أنّ تعيين الصمد لم يأت من فراغ، ولم يكن بلا أساس يتم الإستناد إليه.
زميل الدكتورة الصمد في الجامعة الأم الدكتور زياد منصور كتب مقالاً مطولاً حول القرار، وما أثاره من سجال، أشار فيه إلى أنّ الدكتورة الصمد “تتمتع بكفاءة أكاديمية وعلمية واحترام في أوساط علمية محلية ودولية لا لبس به (الأمر الذي لا يعرفه عنها كثر) لأنّها تؤثر أن تعمل بصمت ودون حملة دعائية (وهذه سمة من يعمل في مجال البحث والعلم الرصين والرزين)، إلا أنّ تكليفها جاء ليعارض ويخالف طموحات آخرين”، مضيفاً أنّ الدكتورة الصمد “ليست بحاجة إلى إطراء من أحد، ولا إلى أي مدح لمزاياها (رغم إقتناعي الراسخ أنّ لكلّ منّا أصدقاء وأحباب، كما لهم من أعداء وخصوم)، لكنني أؤمن أنّ الدكتورة الصمد لا تحتاج إلى من يمدحها أو يدافع عنها، أو يصفق لها (على عادة أناس آخرين)”
منصور الذي رأى أنّ تكليف الصمد “سيزيد من قوة الجامعة، كما كانت دائماً، وكما تربّع على عمادتها عمداء لا يقلّون كفاءة ونزاهة وعلماً، وبالتالي فإنّ إثارة حملات ودفعها نحو بازار طائفي لن يخدم الجامعة ولا كلية الآداب”، عبّر عن اعتقاده بأنّ الدكتورة الصمد “تمتلك من القدرة على جعل هذه الجامعة أيقونة للتعايش، وياقوتة علم ومعرفة، فهي أولاً وأخيراً إبنة الضنية والشمال، فهنيئاً للشمال بعميدتها الجديدة، وهنيئاً العمادة لأنّها بقيت شمالية الهوى والروح”.
إتهام آخر وُجّهه البعض إلى الرئيس ميقاتي بأنّه ضحّى وأطاح بمنصب يعود للطائفة السنّية في الجامعة اللبنانية بعد عزل شندب من منصبها، متناسين أنّ الصمد تنتمي إلى الطائفة السنّية، وهو إتهام خرج أصحابه عن إطار الإنتقاد السّياسي والأكاديمي ليصل إلى حدّ التحريض المعيب، والتشكيك بانتماءات الآخرين الدينية بلا وجه حقّ. فهل أنّ الإنتماء للطائفة، السنّية أو غيرها، محصور بأشخاص دون آخرين، كما أنّه إتهام بدا أنّه يستند إلى معايير ومصالح شخصية بعيدة عن المنطق والصواب والواقع.