عندما يشير وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، الذي يراه البعض بأنّه بين أفضل من تسلموا المنصب منذ انتهاء الحرب الأهلية مطلع تسعينات القرن الماضي من حيث النزاهة والكفاءة والشّفافية، بأنّ “كلّ الإشارات تدلّ الى أنّ هناك إتجاه نحو تأجيل الإنتخابات البلدية مرّة أخرى”، فهذا يعني أنّ إحتمال التأجيل مرجّح بقوة، وأنّ السلطة السياسية تنتظر وقتاً مناسباً للإعلان عن هذا التأجيل، بعد تذرعها بتبريرات وحجج معينة.
خلال المرتين اللتين تسلم فيهما بارود حقيبة وزارة الداخلية والبلديات في عهد رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان، في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة (2008 ـ 2009) وحكومة الرئيس سعد الحريري (2009 ـ 2011)، أشرف فيهما على إجراء دورتين إنتخابيتين: الأولى نيابية في العام 2009، والثانية بلدية واختيارية في العام 2010، ما جعله يكتسب خبرة ومعرفة بكواليس وخفايا وزارته، وبالإنتخابات التي تشرف على إجرائها.
في الواقع، فإنّ ما أشار إليه بارود ليس جديداً ولا غريباً، فمنذ تأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية العام الماضي، للمرّة الثانية، توقع كثيرون بأنّ يتم التمديد للمجالس المحلية مرة ثالثة هذا العام، وأنّ لا تُجرى في موعدها المحدّد، مبدئياً، في شهر أيّار المقبل، إذ أنّ أيّ خطوة فعلية وجديّة لإجراء هذه الإنتخابات لم تتخذها السّلطة القائمة.
حينما جرى تأجيل الإنتخابات المحلية العام الماضي جرى تبرير هذه الخطوة بأنّها عائدة إلى عدم وجود أموال لإجراء هذه الإنتخابات في ظلّ الأزمة المالية الخانقة التي يعانيها لبنان، برغم أنّ تكلفة إجراء الإنتخابات قُدّر بنحو 9 ملايين دولار، وكذلك الوضع الأمني الهشّ، لكن السبب الأبرز كان عدم إقرار قانون إنتخابات بلدية جديد وعصري، بعدما تبين أنّ القانون القديم الذي أجريت على أساسه الإنتخابات المحلية في الدورات السابقة، لم يعد ممكناً إعتماده، في ضوء متغيرات وتطوّرات سياسية وسكانية لا يمكن تجاوزها ولا القفز فوقها، خصوصاً بما يتعلق بانتخابات بلدية بيروت، أو البلديات الكبرى أو المختلطة طائفياً ومذهبياً.
في الآونة الأخيرة طُرح أكثر من إقتراح لتلافي تأجيل الإنتخابات المحلية، منها إجراء إنتخابات بلدية في البلديات المنحلّة والمستحدثة، وعددها يبلغ ـ حتى الآن ـ 119 بلدية، لكنّه إقتراح لم يجد آذاناً صاغية له، ولا يُتوقع أن يلقى إستجابة، نظراً لما سيثيره من سجال مع السلطة التي ستتهم بأنّها قادرة على إجراء الإنتخابات كليّاً وليس جزئياً، وهو سجال يبدو أنّ السلطة بغنى عنه.
كما أضيف سبب آخر لتبرير تأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية وتطييرها، هو الوضع الأمني غير المستقر في الجنوب جرّاء العدوان الإسرائيلي على أجزاء واسعة منه، وهو سبب دحضه بارود، عندما ذكّر أنّه “في عام 1998 لما حصلت الإنتخابات البلدية بعد غيابها 30 سنة، تم وقتها تأجيل الإنتخابات في القرى والبلديات التي لديها وضعاً خاصاً نتيجة الحرب والإحتلال، ولكن لم تُحرم سائر المناطق اللبنانية من هذا الإستحقاق ومن تداول السلطة المحلية”.