تونس تكرّر خطأ لبنان: قانون لاستعمال أموال المركزي
2024-01-26 13:55:40
وافق مجلس الوزراء التونسي على مشروع قانون إشكالي، يسمح للحكومة بأن تتموّل من سيولة المصرف المركزي. وهذا ما يمهّد للحكومة التونسيّة بتمويل عجز ميزانيّتها العامّة، ولو على حساب استقلاليّة المصرف المركزي وملاءة ميزانيّته. وجاء هذا التعديل من بنات أفكار الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي طالب في أيلول الماضي بمراجعة القانون التونسي، لتمكين المصرف المركزي من شراء سندات الدين الحكوميّة، وهو ما عارضه بشكل صارم محافظ المصرف المركزي مروان العباسي.وحسب العديد من التحليلات، من المستبعد أن يستمر محافظ المصرف المركزي الحالي في منصبه، بعد انتهاء ولايته خلال شهر شباط المقبل، بسبب التباين الواضح بين رؤيته ورؤية رئيس الجمهوريّة. وكان العبّاسي قد حذّر سابقًا من خطورة تمويل العجز الحكومي من سيولة المصرف المركزي، نظرًا لأثر ذلك على مستوى قيمة النقد وارتفاع معدلات التضخّم. إذ أن شراء المصرف المركزي لسندات الخزينة التونسيّة سيتطلّب حكمًا خلق المزيد من النقد بالعملة المحليّة، لتمويل العمليّة.
ومن المعلوم أن قوانين الدول تعطي في العادة المصارف المركزيّة هامشًا من الاستقلاليّة في وضع السياسة النقديّة، لتفادي الأخطاء التي يمكن أن تنتج عن سعي السلطة التنفيذيّة لتمرير سياساتها، على حساب سلامة النقد أو ملاءة القطاع المصرفي. غير أنّ رئيس الجمهوريّة التونسيّة يتجه لتشريع التدخّل الفج في مجال السياسة النقديّة، في ظل العجز المالي المتزايد وانعدام ثقة الأسواق الماليّة برجاجة سياسته الماليّة.وكان حاكم المصرف المركزي التونسي قد توقّع وصول معدّلات التضخّم إلى "ثلاثة أرقام"، في تكرار للنموذج الفنزويلي، في حال استعانة الحكومة بأموال المصرف المركزي لتمويل عجزها. غير أنّ المصرف المركزي سيكون ملزمًا بتأمين هذا التمويل، بعد إقرار القانون الذي يسعى قيس سعيد لتمريره.
وتتجاهل خطوة الحكومة التونسيّة الأخيرة بشكل واضح التجربة اللبنانيّة، حيث تم استعمال سيولة المصرف المركزي للاكتتاب بسندات الدين العام، وتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانيّة. وبينما ساهم تثبيت سعر الصرف في تبديد احتياطات المركزي، قبل الانهيار، ساهم تمويل المركزي للإنفاق الحكومي بالليرة بالضغط على سعر صرف العملة المحليّة بعد حصول الأزمة. وكان قانون النقد والتسليف اللبناني قد نص على قيود واضحة لحصر تمويل المركزي للحكومة، وتأمين استقلاليّته، غير أنّ سياسات الحاكم السابق للمركزي رياض سلامة تجاهلت هذه القيود.
وكالات