بدا لقاء سفراء اللجنة الخماسية المُكلّفة الملف اللبناني في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، يوم أمس، أقرب إلى لقاء الهدف منه ترتيب خلافاتهم أكثر منه أن يكون لقاءً لترتيب خلافات اللبنانيين، بعدما كشفت تسريبات الأيّام الأخيرة عن وجود خلافات بينهم تشبه أو تكاد الخلافات بين اللبنانيين، وكأنّ “العدوى” اللبنانية قد انتلقت إليهم.
ففي جلسة تقليدية تشبه الديوانية الشهيرة في دول الخليج العربي، عُقد اللقاء الذي استضافه البخاري وحضره جلوساً، عن يمينه ويساره، سفراء الولايات المتحدة ليزا جونسون، فرنسا هيرفي ماغرو، قطر سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني ومصر علاء موسى.
صورة اللقاء أرادت القول أنّ سفراء اللجنة الخماسية يسود بينهم التفاهم والودّ والتوافق حول نظرتهم وتعاطيهم مع الملف اللبناني المُكلّفين به، والتغطية على الخلافات التي سادت بينهم في الآونة الأخيرة، شكلاً ومضموناً، وأدّت إلى الغاء إجتماعهم المقرر مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الأسبوع الماضي، وتطييرها إلى موعد لاحق لم يحدد حتى الآن.
الخلافات التي سادت مؤخّراً بين سفراء اللجنة الخماسية وتسرّبت عبر وسائل الإعلام المختلفة وباتت حديث أغلب الأوساط السياسية والإعلامية، طرحت سؤالاً حول كيف سيعالج هؤلاء السفراء مشاكل اللبنانيين إذا كانوا يحتاجون إلى من يعالج المشكلات الناشئة بينهم، والتي تبين أنّها تشبه مشكلات وخلافات اللبنانيين التي استعصت على الحلّ؟
وتفيد المعلومات المسرّبة أنّ أبرز الخلافات تدور بين السّفير السّعودي البخاري والسّفيرة الأميركية الجديدة جونسون، بعدما بدا أنّ كلاً منهما يريد الظهور بمظهر أنّه “رئيس” اللقاء، و”المتقدم” على زملائه بين متساويين، إلى حدّ دفع الرئيس برّي إلى التدخّل شخصياً لمعالجة الخلاف الناشىء بين الطرفين!
يُضاف إلى ذلك خلاف غير معلن بين السعودية وقطر، وهو نابع من حساسية بين الدولتين ليست طارئة على العلاقات بينهما. ففي حين يحضر السفير القطري سعود آل ثاني لقاء سفراء اللجنة الخماسية، فإنّ موفداً قطرياً هو الأمير جاسم بن فهد آل ثاني يجول منفرداً على القيادات اللبنانية، طارحاً تسويات خارج إطار اللجنة.
الأمر ذاته ينسحب على العلاقات السعودية ـ الفرنسية، إذ في حين يحضر سفير فرنسا هيرفي ماغرو لقاءات اللجنة الخماسية، فإنّ الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان يغرّد منفرداً، ما أدّى إلى بروز خلاف فرنسي ـ سعودي نتج عنه تعثّر جهود لودريان ومغادرته لبنان خالي الوفاض.
وفي حين تشير تسريبات إلى أنّ سفراء اللجنة الخماسية يبحثون عن تحقيق مصالح بلادهم وتعزيزها في لبنان بالدرجة الأولى، سياسياً وإقتصادياً عبر مشاريع معينة إلى جانب رفع منسوب حضورهم إعلامياً وإجتماعياً، فإنّ خلافاتهم تعكس خلافات بين دولهم حول الملف اللبناني، ما يعني أنّ طبخة الحل الخارجي لم تنضج بعد، ودليل ذلك غرق سفراء اللجنة الخماسية في خلافات وتفاصيل صغيرة، وهي خلافات ستنتفي بالتأكيد عندما يحين أوان التسوية.