يأتي المخرج «زاك سنايدر» لينسج خيوط الحماسة في الجزء الأول لملحمته فيلم «Rebel Moon»، والذي يفتح الستار على أسطورة تروي حكاية شعب أراد السلام، قد جعل من قمر ناء موطنا، غير أن الظلام يلوح في الأفق بظهور قوة مستبدة تشتهي الهيمنة على مزروعاتهم البسيطة، من هنا يبرز شخص غريب الأطوار عهد إليه المصير دور القائد للدفاع والمقاومة ضد العدو.
تلك الحكاية، على الرغم من بداهتها في عالم الخيال العلمي و«الفانتازيا»، إلا أنها قريبة من روح ملحمة «حرب النجوم» التي ألهبت مخيلة العديد من صناع السينما، ومن بينهم «زاك» والذي يضع أبطال «Rebel Moon» في مواجهة الشر المحدق.
تنم الحوارات المبكرة بين سكان القمر عن مساعي الفيلم الصادقة لصياغة قصة متميزة، لكن لم يدم هذا طويلا، إذ لم تلبث الحبكة أن انحرفت عن مسارها، فبدلا من تكثيف الغوص في روح العالم المترامي الأطراف ومعضلاته، انزلق السرد إلى محطات مكررة وممطوطة، حيث سعى الفيلم إلى تقديم الأبطال والمحاربين دون أن يمنحهم العمق الكافي أو يستفيض في تشريح العالم الذي يقطنونه، كما يمضي مدة عرضه الزمنية، التي تمتد لساعتين وربع، في تشتيت المشاهد بين أرجاء المجرة دون إظهار هوية كل منطقة وساكنيها، وهذا النقص جرد الجزء الأول من أحد أهم مقومات النجاح لأي عمل ملحمي، ألا وهو الانفتاح على العالم الشاسع وتعريف المتلقي بأرجائه، ولو بشكل محدود.
لم يتمكن الأبطال من ترك بصمة مؤثرة في ذاكرة المتفرج، فالفيلم لم يمنحهم متسعا كافيا لنسج شخصيات خالدة، ومع ذلك يبزغ استثناء في شخصية «Atticus Noble» التي يجسدها إد سكراين، فهو يقدم أداء مخيفا يسيطر على الشاشة.
عندما يتعلق الأمر بأفلام المخرج «زاك سنايدر»، فلا يمكن تجاهل الحديث عن المشاهد القتالية والتساؤل عما إذا كان قد استخدم تقنية الحركة البطيئة التي اشتهر بها، والجواب هو ذاته (نعم)، فالفيلم استغل المواقف المتاحة لدخول الأبطال في معارك ضخمة ومشاهد قتالية ملحمية، لكنها جاءت بطيئة بشكل قد ينظر إليه على أنه مجرد ملء للفراغات دون جهد فني حقيقي.
في الختام، يقدم «زاك سنايدر» تجربة «Rebel Moon»، لكنها لم تكن بالمستوى الذي يرقى لتوقعات محبي المخرج، ويبقى العمل في حكم المتوسط، لاسيما انه يفتقر إلى العمق الكافي والاهتمام بالتفاصيل التي تجعل المشاهدين يواجهون تحديا في تكوين تعلق حقيقي بالشخصيات أو استكشاف خلفياتهم وماضيهم بشكل يجعلهم يشعرون بالحماس لمتابعة الجزء الثاني من السلسلة.