على شاكلة الشعار الذي رُفع منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة قبل 110 أيّام، من أنّ الأوضاع في فلسطين والمنطقة ما بعد الحرب على غزّة ستكون غير ما قبلها، فقد رُفع يوم أول من أمس الإثنين، 22 الجاري، شعار أنّ ما حدث في مخيم المغازي وسط القطاع ذلك اليوم سيكون مختلفاً عما بعده، والأيّام المقبلة ستحمل تطورات دراماتيكية ومفاجئة.
مساء ذلك اليوم وقع جنود الإحتلال في فخّ نصبه لهم المقاومون في القطاع، وشارك الجنود الإسرائيليون بسذاجة وغرابة في الوقوع فيه، عندما كان جنود الإحتياط يضعون متفجرات لهدم مبنيين في مخيم المغازي عندما أطلق مقاوم قذيفة صاروخية على دبابة قريبة من الموقع، ما أدى لانهيار المبنيين على الجنود، وسقوط ما يقلّ عن 24 قتيلاً بين ضابط وجندي في صفوف جيش الإحتلال، وفق معلومات أولية.
ما حصل في مخيم المغازي هزّ الكيان برمته، ووصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنّه “كارثة”، وسط حالة إرباك غير مسبوقة شملت خصوصاً المؤسسات الحكومية والأمنية في داخل الكيان، وتساؤلات في مختلف الأوساط مترافقة باتهامات وُجّهت إلى الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، بأنّ كلّ ما أطلقوه من وعود لجمهورهم يوم شنّوا عدوانهم على القطاع بأنّ الحرب ستكون قصيرة، وأنّهم لن ينهوها قبل تحقيقهم أهدافهم منها، لم يتحقق منها شيئاً، بل إنّ العكس هو ما يحصل في الميدان.
هذا الفشل الإسرائيلي على مختلف المستويات إنعكس بوضوح داخل دولة الكيان في السّاعات الأخيرة ودفع نتنياهو للإعتراف أمام وزراء الحرب في حكومته أن “المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة ستستغرق نصف عام على الأقل”، وهو ما أكده رئيس أركان جيش الإحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، بـ”أننا لا نزال نقاتل والمعركة سوف تكون طويلة، وسوف نحتاج إلى قوات الإحتياط مجدّدًا”، وهذه القوات بدأت بالفرار من الخدمة العسكرية أو رفضها تأديتها، بعدما كان مصدر عسكري في جيش الإحتلال قد أكّد لجريدة “واشنطن بوست” بأنّ “الوجود الأمني طويل الأمد في غزة، وهو كابوس رفضه الكثيرون في المؤسّسة الأمنية”، وما أبدته جريدة “جيروزاليم بوست” من “مخاوف أن تؤدي حرب طويلة الأمد إلى سلسلة تكاليف مؤلمة، بما في ذلك مقتل الرهائن ومئات الجنود”.
ما تقوله صحفٌ ووسائل إعلام الكيان يعكس الإضطراب الكبير الذي يعيشه، والذي جعل نتنياهو يبحث، بعد تعنّت ورفض لإيقاف العدوان وتهديده بشنّ حرب ضد حزب الله وحلفائه في لبنان، عن مخرج لإنهاء الحرب بعد أن يضع له حلفاءه سلماً للنزول عن شجرة عدوانه على غزة، بعدما نقلت صحف عدّة عن مصادر مقربة منه مواقف تعكس تراجعه، من أنّه “إذا وافق على إنهاء الحرب فسيجب التوقيع على ضمانات دولية لا يمكن إنتهاكها”.