القاهرة - خلود أبوالمجد
ثلاث صديقات اقتسمن الحلم في شبابهن وكون فرقة موسيقية، نلن بها الكثير من الشهرة، إلا أن الأيام نالت منهن أيضا وأحدثت بينهن الكثير من المشاكل حتى فرقت بينهن، وأصبحن ألد الأعداء، إلى أن أصبحن هن أنفسهن حلم ومستقبل أحد المخرجين الشباب، الذي يسعى ومديرة المشروع لإعادتهن للغناء من جديد، فتنطلق المفارقات الكوميدية في محاولة إرجاعهن للاجتماع لنتعرف عليهن، وعلى السبب الحقيقي الذي قضى على نجاحهن.
تلك هي قصة فيلم «مقسوم» الذي تقوم ببطولته الفنانة ليلى علوي التي عادت وبقوة منذ فترة للسينما، فأصبح وجود اسمها على «أفيش» أي فيلم ضمانة لنجاحه، حيث تقدم شخصية «هند»، إحدى عضوات فريق «أميتشي» وتعني «الأصدقاء» بالإيطالي، والتي تعرضت للخيانة فكرهت كل الرجال، حتى انها أطلقت اسم طليقها على كلبتها الأنثى، ولم يعد لديها الطاقة الكافية لتحمل أي شيء حولها، فأصبح الجميع يعتقد أنها إنسانة جامدة لا تحمل أي مشاعر بداخلها، وهذا على عكس حقيقتها الحساسة.
لقد تمكنت ليلى علوي بإخراج كل ما بداخلها من أحاسيس جميلة بمنتهى الانسيابية لتجعلك تتحد مع «هند» لتسيطر على تفكيرك طوال فترة مشاهدة الفيلم فلامست قلب الجمهور وكسبت تعاطفه معها عندما اكتشف السبب الحقيقي في دمار الفرقة التي تعزف فيها الدرامز، فالشخصية جديدة تماما عما سبق ان قدمته ليلى علوي طوال مشوارها الفني، وهذا يجعلنا نحييها على اختياراتها للأعمال التي تقدمها طوال الفترة الماضية التي عادت فيها بقوة للساحة الفنية، بما يليق بها وبمشوارها الحافل بالنجاحات.
وتشاركها البطولة الفنانة شيرين رضا، وتجسد شخصية ايمي «الديفا» التي تعزف على الغيتار وتغني، ولديها حب الامتلاك والسيطرة، حتى انها لم تعترف بانفصال الفرقة وذهبت للغناء وحدها دون إعلامهم، لكنها فشلت في النجاح بمفردها، وكعادتها لم تعترف بذلك، فهي لا تعترف حتى بعمرها، وكانت السبب في اختيار اسم الفرقة، فقد أصرت عليه تيمنا بجذور والدتها الايطالية، وأجادت بالفعل رضا في لعب الشخصية بكل أحاسيسها التي تتفاوت بين التغطرس والطيبة وبملامحها الارستقراطية والأجنبية.
أما آخر عضوات الفريق فهي «رانيا» التي تقوم بأدائها الفنانة سماء إبراهيم، وهي عازفة على الأوكرديون، لكن يتحكم بها قراءة الأبراج والطالع، فتصبح ذات شخصية مترددة ضعيفة منقادة، وهذا هو السبب الحقيقي الذي فرق شمل الفرقة، وجسدت سما الشخصية ببراعة، ليأتي المخرج «أبو» الذي يجسد دوره الفنان عمرو وهبة، ويقرر أن يكون مشروع فيلمه التسجيلي حول تلك الفرقة التي أحبها الجمهور في التسعينيات من القرن الماضي، ويجد أن عائق حقوق الأغاني يجبره على البحث عنهن في محاولة لتجميعهن والحديث معهن، وتساعده في ذلك مديرة إنتاج الفيلم يارا (سارة عبدالرحمن)، التي تحبه وتبدأ في البحث عنهن لتتفاجأ بحجم المشاكل الكبير الذي جعلهن لا يجتمعن لمدة 30 سنة.
برع الثنائي عمرو وسارة في خلق الابتسامة داخل الفيلم، وعكسا حالة «النوستولجيا» التي يعيشها شباب هذا العمر في الحنين للماضي وكل ما تربوا عليه وخلق لهم ذكريات جميلة في حياتهم، وحتى من خلال الأغنيات التي كانا يسمعانها.
ويعد الفنان سيد رجب الذي يقدم شخصية «مدحت» مدير الفرقة السابق مفاجأة الفيلم، فقد جسد «الكاركتر» بسلاسة شديدة، وبرع رجب في دوره كما اعتدنا منه.
كل تلك الشخصيات كانت نتاجا لكوثر يونس تلك المخرجة الدؤوبة ذات الحس المرهف، كما وصفتها الفنانة ليلى علوي، حيث تمكنت من خلق الابتسامة ومزجها مع كل المشاعر التي تحملها شخصيات الفيلم الذين بدوا جميعا في حالة من الإشراق الدائم حتى في مشاهدهم التي حملت مشاعرهم العميقة بالألم، فقد كانت كوثر يونس قادرة على التحكم في أدواتها، لتخرج من كل الفنانين الذين يعملون معها المشاعر الصحيحة في المشاهد، التي كتبها بالسيناريو المؤلف والكاتب هيثم دبور في أولى تجاربه الانتاجية، وكشفت لنا عن موهبة جديدة في التمثيل تجسدت في المشاهد البسيطة التي قدمها المخرج هاني خليفة كممثل هذه المرة.
تجربة «مقسوم» لا تستعرض فقط قيمة الصداقة وأهمية الحفاظ عليها، وليست هذه التيمة الوحيدة المتواجدة في ا