بعدما كسرت المعارضة، لأسباب مختلفة، قرار مقاطعتها الجلسات التشريعية لمجلس النواب، تحت حجّة أنّ المجلس لا يحقّ له عقد أيّ جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في جلسة 15 كانون الأوّل الماضي التي جرى فيها التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون وقادة الأجهزة الأمنية عاماً إضافياً مع اقتراب إنتهاء ولاياتهم، تستعد المعارضة للعودة مجدّداً إلى المجلس النيابي، ولكن هذه المرّة لمناقشة موازنة العام 2024 والتصويت عليها.
فبعدما دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى جلسة عامّة، يومي الأربعاء والخميس المقبلين، لدرس مشروع موازنة عام 2024 وإقرارها، تتّجه الأنظار إلى مواقف الكتل والنواب من المشاركة في هذه الجلسة من عدمه، وخصوصاً كتل المعارضة: “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” و”الكتائب” و”تجدّد” ونواب التغيير ومستقلين، في ظلّ توقعات أن يحضروا الجلسة بعدما كان أغلبهم قد شارك في مناقشة مشروع الموازنة في جلسات اللجان، وهو ما أكده تصريح عضو “الجمهوية القوية” النائب غادة أيوب، أمس، أنّ “التكتّل سيشارك في جلسة درس وإقرار مشروع الموازنة العامة”.
ووفق “بوانتاج” عام فإنّ نصاب الجلسة التشريعية سيكون مؤمّناً ما دامت كتل رئيسية ستشارك فيها أبرزها كتل “التنمية والتحرير، “الوفاء للمقاومة”، “اللقاء الديموقراطي”، “الإعتدال الوطني”، “التكتل النيابي المستقل”، “التوافق الوطني”، ونواب مستقلين، ما سيجعل مقاطعة كتل المعارضة للجلسة ـ وهو أمر لن يحصل على الأرجح ـ بلا أيّ معنى أو مسوغ.
وإذا كانت علامات إستفهام تدور حول موقف كتلتي “لبنان القوي” و”الكتائب”، أكثر من غيرهما حول حقيقة مشاركتهما في الجلسة التشريعية، الأولى نتيجة تحفظها على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والثانية بسبب موقفها المبدئي من رفضها المشاركة في أيّ جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ مؤشّرات توحي أنّهما ستشاركان في هذه الجلسة لأسباب عدّة، أبرزها أنّ نواب هاتين الكتلتين وغيرهما قد شاركوا في جلسات اللجان النيابية لمناقشة مشروع الموازنة، وكانت لهم مواقف وآراء عدّة حول المشروع، وبالتالي إنّ غيابهم عن جلسة مناقشتها لا يبدو أمراً منطقياً.
وهناك سببٌ آخر سيشجع نواب الكتلتين وبقية نواب الكتل والمستقلين على حضور هذه الجلسة، والحرص على التحدث فيها، بعد تسجيل أسمائهم على لائحة طالبي الكلام، أنّ الجلسة سوف تكون منقولة على الهواء مباشرة عبر وسائل الإعلام، ما سيفتح شهية النوّاب للكلام لأسباب مختلفة يتداخل فيها السّياسي بالشّخصي والشّعبي، وحتى للمزايدة، بعدما مضى أقل من نصف ولاية المجلس النيابي من دون أن يعرف الرأيّ العام اللبناني أسماء أو وجوه نوّابه الجدد، أو أن يسمعوا مواقف نوّابه القدامى من تطورات المرحلة.