عندما يقوم الخيّاط الفلسطيني ماجد أبو حاجب بإصلاح قمصان أو سترات الأشخاص الذين نزحوا من منازلهم في غزة بعدما تمكّنوا بالكاد من تغيير ملابسهم، فإنه يضطّر إلى الاستعانة بدرّاجة هوائية حيث لا توجد كهرباء لتشغيل ماكينة الخياطة القديمة الخاصّة به.
يجلس أبو حاجب على جانب الطريق في أحد أسواق مدينة رفح، منهمكاً في القياس والقص والخياطة، بينما يقف ابنه مجدي في مواجهته، حيث يدير دواسات دراجة أطفال مفكّكة بيديه لتشغيل الماكينة.
غيّرت الحرب الإسرائيلية في غزة، كل عناصر الحياة في القطاع الفلسطيني الصغير المكتظ، وأجبرت جميع سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريباً على ترك منازلهم وأدّت لتدمير المنازل والمتاجر خلال موجات قصف لا هوادة فيها.
وملابس هؤلاء السكان، التي أصبح الكثير منها الآن ممزّقاً أو مهلهلاً، معلّقة حالياً على الحبال بين الخيام والأحياء الفقيرة، ولا تكاد توجد أي فرص لاستبدالها نظراً لحجم الدمار وارتفاع أسعار الملابس الناجم عن ندرتها.
وقطعت إسرائيل الكهرباء عن غزة، وكذلك الوقود اللازم لتشغيل المولّدات الخاصة، في اليوم الأول من الحرب. ومنذ ذلك الحين أصبحت الكهرباء واحدة من أكبر وسائل الرفاهية في غزة، إذ أنها أصبحت متاحة فقط من خلال الألواح الشمسيّة أو كميات الديزل القليلة التي تصل إلى القطاع.
ويقول ماجد أبو حاجب بينما يوضح أن هناك إقبالاً كبيراً على عمله كخيّاط بسبب الأزمة الحالية “في المثل اللي بيقولك الحاجة أمّ الاختراع” .
وأضاف بينما كان يقوم بخياطة سحاب لنضال قعدان، وهو أحد الزبائن الذين كانوا يقفون بجانبه “استبدلنا الدرّاجة الهوائية هذه بدل الموتور والولد استبدلناه بدل للكهرباء”.
وقال مجدي نجل أبو حاجب: “هذا البسكليت (الدراجة الهوائية) المفروض أخويا الصغير يلعب عليه في الشارع زيه زي ولاد الناس، زيه زي ولاد العالم، بس اليوم نحن حولنا البسكليت لبديل موتور للماكينة عشان نأكل ونعيش وأنا بديل الكهرباء”.