في لبنان قلة تسعى لبناء دولة حقيقية، وقلة سيادية بالفعل لا بالشعار. في لبنان قلة اختارت مفاهيم الدستور والقانون والحلول للأزمات الداخلية، فيما الأكثرية موزعة بين نهبٍ منظم وتدمير لانتظام عمل المؤسسات الدستورية، أو قوى تمنح الأولوية لمقاومة إسرائيل، من دون الإلتفات إلى أولوية الداخل ومعالجة الأزمات المالية والإقتصادية.
وعلى هذه الحال، ومع دخول العام 2024 وفي ظل الشغور الرئاسي، تبقى حكومة نجيب ميقاتي من دون حسيبٍ أو رقيب، مع رئيسها الذي يفصّل في كل توقيت الدستور على قياس مصالحه ومصالح من يرغب بإرضائهم. وفيما تغيب الإرادة عن غالبية القوى اللبنانية لتوافق ومعالجة المعضلات التي تهدد لا معيشتهم فحسب بل وجودهم، يعيش اللبنانيون في انتظار الإقتراحات التي تُطبخ على نار التوتر الجنوبي، والتي باتت واضحة بين حدّ مساعي الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، والضوابط مع اليد الممدودة بحذر للسيد حسن نصر الله. وميدانياً، استمرت الإشتباكات جنوباً وواصل حزب الله قصف مواقع إسرائيلية على الحدود وفي مزارع شبعا.
على خط آخر، ينتظر ما يمكن أن يبرز من مواقف بعد العشاء الذي يجمع الليلة الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مع رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ولا سيما لجهة مدى التأثير على قرارات التعيينات العسكرية، واستشراف موقف جنبلاط من الترشيح الرئاسي لفرنجية.
إقليمياً، تستمر العمليات الفلسطينية من أرض غزة إلى الضفة الغربية والداخل الإسرائيلي حيث حصلت اليوم حوادث طعن ودهس في رعنانا شمال شرق تل أبيب، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت إن حركة «حماس» تريد نقل الحرب من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. تزامناً يتخبط الوسط السياسي الإسرائيلي مع رفع معارضي نتنياهو صوتهم إزاء الفشل العسكري والأمني الواضح، كما أن هذا التوتر ينسحب على العلاقة بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن مع تصاعد الإقتناع في الإدارة الأميركية بعدم قدرة إسرائيل على تحقيق الأهداف التي رفعتها في بداية الحرب.