ننبّه، فيتغاضون، سهواً وغالباً عمداً، والنتيجة واحدة: إلغاء لكل ما يسمى ميثاقية، وطائف، وشراكة، وتوازن، لا بل لكلِّ دستور وقانونٍ وعرف.
ننبّه، فيهربون من تحذيراتنا حقداً، وكراهية، والنتيجة أنهم لا يضرِبون إلا أنفسهم وما يمثّلون. وعندما يحاولون العودة للإلتفاف على ما ارتكبوا أو غطوا ارتكابه، يكون الأوان قد فات، و"لاتَ ساعةَ مندمِ"...
وهذه هي الحال منذ 1990، وحتى استمرار حكومة تصريف الأعمال، وتجاسرها على مصادرة صلاحيات الرئاسة، كيف لا وهناك من يغطي أو يسكت.
وبعدما كانت حكومة ميقاتي قد أعدت جدول أعمال فضفاض يذيب مفهوم "تصريف الأعمال بالمعنى الضيق"، سارع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى التذكير، وخاصة المرجعيات الدينية والسياسية، بما كان حذّرهم منه إزاء مخاطر ما ترتكبه حكومة ميقاتي، فوصلوا إليه ولا يزالون يستمرون بالتغاضي والإنكار لا بل بالتغطية أو بنكث الإلتزامات...
والحال أن حكومة ميقاتي مستمرة في انتهاك الدستور والقانون والعرف، وهو سلوك دأبت عليه منظومة الطائف منذ العام 1992 خاصة، حين بات لبنان مرتعاً للإنتهاك السيادي والسياسي والمالي والإقتصادي. وجديد هذه الحكومة، استيلائها على صلاحيات رئيس الجمهورية، الحصرية، برد قوانين أصدرها مجلس النواب، فأضافت على سجلها الحافل باللادستورية، مزيداً من اللطخات على قماشة هذه الجمهورية التي كانت قبل ال1975 مثالاً في العالم العربي، لتداول السلطة ولحياة دستورية سليمة أوصلت في انتخابات 1970 رئيساً بصوت واحد، وربما بنصف صوت كما قال بعض المشاركين والمطلعين على تلك الحقبة.
هذا الدرك في الإنتهاك، سارعت القوات اللبنانية عبر النائب جورج عدوان إلى التنصل منه عبر الهجوم على إجراء حكومة ميقاتي والإصرار على نشر القوانين. لكن هنا تقع في التناقض نفسه عندما غادرت ما ترفعه من شعار في رفض التشريع بغياب الرئيس، مع مسارعتها إلى تغطية التمديد غير الدستوري وغير القانوني.
وفي المقابل، كان سلوك حكومة ميقاتي يُقابل بسيل من الردود التذكيرية لنواب من تكتل "لبنان القوي". فوصف النائب جورج عطالله الجلسة الحكومية ب"المسخ"، في الوقت الذي شدد فيه النائب غسان عطالله على أن "الجميع مشارك بالمؤامرة"، أما النائب إدغار طرابلسي فرأى أن ما حصل "خلق سابقة تجعل لبنان غابة غير خاضعة لدستور". ومن جهته سخر النائب سليم عون ممن غطى مخالفات الدستور وسمح بالسطو على صلاحيات الرئيس بالقول: "مبروك أو نعيماً"..
وعلى خط آخر، أتت جريمة قتل الشرطي في فوج حرس بيروت أمس الخميس في مار مخايل – الأشرفية من قبل أحد الخارجين عن القانون، لتعيد تسليط الأنظار على المخاطر الأمنية التي يشكلها النزوح السوري الكثيف، ولتفتح عيون اللبنانيين على هذا الواقع المرير.
على خط التطورات الإقليمية، أظهر الإستهداف الأميركي – البريطاني المشترك على اليمن ليلاً، حجم الضيق الذي تتعرض له الدول الغربية، ومدى التأثير الذي تشكله "حرب باب المندب" على المصالح الأميركية والدولية. ذلك أن قرار الحوثيين بدعم الجبهة الفلسطينية وضرب إسرائيل بالصواريخ، وإضافة إلى استهداف السفن وناقلات النفط، تحول إلى كابوس يؤرق الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، وتهدد بمزيد من الإنزلاق إلى حربٍ بالغة الصعوبة، ذلك أن اليمنيين اعتادوا تحمل المخاطر والضربات العسكرية، على عكس اقتصاد الدول الغربية الذي يواجه أكثر من تحدٍ على المستويات المختلفة.