ملف التعيينات العسكرية، أو استكمال ملء الشغور، أمام الحائط المسدود. ذلك أن السلوك الذي ينتهجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الملف، ليس إلا استكمالاً لتعاطي منظومة الطائف مع الدستور والقوانين والدولة: استباحة وسيطرة وانتهاك ولا رادع ولا من يمنع أو من يحزنون. أما في وزارة الدفاع، فمنطق مختلف مع الوزير موريس سليم الذي عدا موروثه العسكري الإنضباطي، يمثل نهجاً بالتزام احترام الدستور والقوانين وموقع الوزير في السلطة التنفيذية، وربما هذا أكثر ما يزعج منظومة الطائف في تعاطيها مع إدارة شؤون المؤسسة العسكرية.
هو سلوك في رفض الآليات المؤسساتية الطبيعية والبديهية خاصة في المؤسسة العسكرية، وربما هو أسلوب ميقاتي في محاولة تهميش موقع الوزير، هو ما يوصل الأمور إلى الخواتيم غير المرجوة. هناك من يذكّر ميقاتي الذي توجه عبر "الحرة" لسليم بعبارة "فليتفضل ويرسل لي اقتراحاته" عن التعيينات، بأن وزير الدفاع سبق وأرسل اقتراحاته لا بل سلة كاملة للتعيينات منذ أيلول الماضي، بما فيها قائد الجيش، وكذلك تضمنت السلة أسماء قابلة للتوافق عليها سياسياً. كما أن التوجه ثانية بعد اجتماع اليوم الجمعة بأن ميقاتي "ينتظر" وزير الدفاع، غير قابلة للصرف.
يزيد من تفاقم الوضع الحجّة التي نادى بها الساعون والمروّجون للتمديد لقائد الجيش، بأنه لا يمكن للحكومة أن تبادر لإنجاز التعيينات العسكرية، في ظل الشغور الرئاسي، وطالما أن هذا الشغور لا يزال قائماً، فلماذا الإنتقائية طالما أن صلاحية الحكومة في هذا الإطار تبقى موضع دحض وتساؤل؟
لكن الجوهر يلامس أيضاً أسباباً أخرى موجبة، لتشدّد وزير الدفاع في موقفه. فواضح أنّ التجاسر على تجاوز الدستور وقانون الدفاع الوطني، هو ما يعقّد الأمور ويمنع الحل. فالتعيينات أساساً يجب أن تكون متكاملة ولا تقتصر على رئيس الأركان فقط لأن هناك مؤسستين ترتبطان مباشرة بوزير الدفاع وهما المفتشية العامة والمؤسسة العامة للإدارة، وبالتالي لا يحق لرئيس حكومة تصريف الأعمال القول إنه يجب تعيين رئيسٍ للأركان فقط.
كما ان ميقاتي غير مخوّل استطلاع رأي قائد الجيش في تعيين رئيس الأركان، فوزير الدفاع هو المختص بهذه المهمة مع قائد الجيش بحسب المادة 21 من قانون الدفاع الوطني، ولا يكون رأي القائد ملزماً. أما بالنسبة لتعيين المفتش العام والمدير العام للإدارة، فالوزير لا يستطلع رأي قائد الجيش.
بالتالي وبحسب القانون، ستبقى جدران وزارة الدفاع صمّاء أمام التفافات ميقاتي، في ظل استحالة إنجاز التعيينات بما فيها رئيس الأركان من دون وزير الدفاع لأن قانون الدفاع الوطني صريح في هذه الحال.
كما أن الآلية المؤسساتية التي يضربها سلوك ميقاتي، تقتضي أن يقترح وزير الدفاع على طاولة مؤسسة مجلس الوزراء، مع ما تعكسه من تجسيدِ "العيش المشترك" أي التمثيل والمشاركة في السلطة التنفيذية، كما نص الطائف، الذي كانت منظومة حكم ما بعد 1992، أول من انقلب عليه...