يقفل الأسبوع الحالي، الأحد المقبل، على مرور 100 يوم على العدوان الإسرائيلي الذي شنّه على قطاع غزّة بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الإحتلال، في 7 تشرين الأوّل الماضي، ردّاً على اعتداءاته ضد المسجد الأقصى والمقدسات والأهالي في الأراضي المحتلة.
لا تعتبر الحرب الحالية عادية بالنسبة للطرفين، المقاومة وجيش الإحتلال، منذ نشوء دولة الكيان قبل أكثر من 75 عاماً، في العام 1948، وغير مسبوقة في تاريخ الحروب والمواجهات بينهما، لا في الشّكل ولا في المضمون، ولا في النتائج المنتظرة منها، أو التداعيات التي ستسفر عنها.
فقد اعتاد جيش الإحتلال في الحروب العدوانية التي كان يشنّها على الفلسطينيين وعلى دول الجوار في لبنان وسوريا ومصر والأردن، طيلة العقود السبعة ونيّف الماضية، أن يشنّ حروباً خاطفة وسريعة، مثلما كان الحال في نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967، وأن يحسمها في خلال أيّام قليلة، نظراً للإنهيار السريع للقوى التي كان يواجهها، إنْ لسوء الإعداد أو التنسيق أو غير ذلك.
وخلال إجتياح جيش العدو لبنان عام 1982 إستطاع في أقلّ من أسبوع أن يصل إلى مشارف العاصمة بيروت، وأن يحاصرها، ويسيطر خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة على مساحة تعادل أكثر من ثلث مساحة لبنان، بينما هذه الأيّام ومع اقتراب ال 100 يوم على عدوانه على قطاع غزة، الذي لا تزيد مساحته على 365 كم، فإنه لم يستطع أن يسيطر على القطاع الذي يلقى فيه مواجهة ضارية من قوى المقاومة، ولا أن يحسم الحرب لمصلحته، ولا أن يخرج من الرمال المتحركة التي غرق فيها هناك.
الحرب الدائرة في قطاع غزة تعتبر الأطول التي يخوضها جيش الإحتلال منذ نشأة الكيان، والأولى أيضاً التي يقع له فيها أسرى لدى قوى المقاومة، وكذلك هي أول حرب لم يحقق فيها جيش الكيان أي هدف من أهدافه المعلنة منذ شنّه عدوانه على القطاع، ما جعل المبادرات تتوالى من أطراف مختلفة في الإقليم والعالم، لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، وإنقاذ ماء وجه الكيان الذي يواجه أزمة وجودية هي الأخطر منذ ولادته، وإيجاد مخرج له، من غير أن تنجح أيّ مبادرة من الوصول إلى النتيجة التي ترجوها حكومة الكيان، التي تجد نفسها لأول مرّة في موقع من تُفرض عليها الشّروط لإنهاء الحروب التي تشنّها، وليس أن تفرض هي شروطها على الآخرين.
من يتابع ما يجري داخل دولة الكيان يلمس حجم إرتدادات الحرب عليها، والإنقسامات داخلها، والأزمات التي لن تفلح في معالجتها عندما يتوقف العدوان، والتي ستظهر على السطح لأوّل مرّة بهذا الحجم، ولعلّ ذلك ما يدفع حكومة الكيان إلى إطالة أمد الحرب أو نقلها إلى لبنان، علّها تجد مخرجاً لائقاً لها ولو بالحدّ الأدنى، أو أن تحقق إنتصارا شكليّا يحفظ لها ماء الوجه، ولو كان على دماء وأشلاء الأطفال والنساء، وعلى ركام الأبنية والمدارس والمستشفيات ودور العبادة.