من المستحيل أن تتعرف عليه ولا تحبه...
و تناقشه وتختلف معه ومن النادر أن تخاصمه... هو اليساري المشاكس، وآخر الشيوعيين الكبار حيث لم يقفل باب الفكر والنقاش والتواصل، هو كريم مروة المسالم، والواضح، والمصغي بذكاء، صاحب استقلالية في النضج الفكري وفي المفهوم الحزبي، لا بل هو أول من أنتقد الماركسية واعتبرها في أزمة!
عدم دخوله ومن ثم انتسابه إلى الحزب الشيوعي قصة وجب قراءتها وتحديداً من الشيوعيين أنفسهم لأجل التوعية الحزبية، وأيضاً على كل حزبي قراءة تجربته كي يتعلم النقد الذاتي وصناعة التحاور والحوار!
بعد النكسة ضاق من خنوع الحكام العرب، وقرر أن يصبح شيوعياً دون انتساب لإنزعاجه من الطريقة التي يعالج خلالها الحزب الامور خاصة رفض الحزب للنقد الذاتي، واعتبر ما فعله الحزب مع فرج الله الحلو خطأ عقائدياً، لذلك رفض الانتساب، وهذا الأخير أقنعه بعد سنوات بالانتساب!
المفكر اليساري كريم مروة قارئ نهم، ولديه العديد من الاصدارات، وكل كتبه تستحق القراءة، وهو صاحب فكر، رؤية، نضالي، عاش مع الطبيعة في قرية حاريص الجنوبية والتي ولد فيها، كان راعياً للغنم والخيول، والشاهد الحقيقي على براءة قرانا، وقد رقص الدبكة فيها دون خجل.
تعلم القرآن منذ الصغر، وحفظه في عمر الثمانية.
في رحيله خسرنا انساناً واعياً ومثقفاً حتى لو لم توافقه الرأي، والأهم مجالسة هكذا نوعية مدركة نعمة في زمن القحط الذي نعيش!
كريم مروة 8 آذار 1930 الولادة، وأول شهر من 2024 الرحيل...خسارة كبيرة للوطن، ولمن تبقى في الشيوعية خسارة أكبر، واعتقد الخسارة الجسيمة تكمن في أن الفكر العربي خسر النضوج والوعي في الثقافة السياسية المنفتحة والثقافة العامة، وأهم ما كان يردده كريم مروة على مسامعنا دائماً: " دخولي بالسياسة خربت مواهبي وابعدتني عن الفكر والأدب"!