ترفض الولايات المتحدة الأميركية قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن وتواجه الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريتش وتحاول منعه من إستخدام حقه بطرح المادة ٩٩ من قانون الأمم المتحدة للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، ما يشير الى أن أميركا لا تريد إنهاء العدوان على غزة قبل أن تحقق إسرائيل إنجازًا ميدانيا أو سياسيا يقودها الى المفاوضات من موقع قوة.
لا شك في أن إطالة أمد الحرب لن يبدل شيئا لدى الفلسطينيين في غزة الذين قرروا المواجهة حتى النهاية خصوصا أنهم لن يخسروا أكثر مما خسروا بعدما وصل عدد الشهداء الى ١٧ الفا، والجرحى الى ما يناهز ٣٣ الفا، في حين أن القرار الأميركي بإطالة الحرب يضاعف من الأزمات التي ترخي بثقلها على إسرائيل العاجزة عن تحقيق أي إنجاز أو إنتصار حقيقي أو حتى وهمي يمكن أن يعوّل عليه في المفاوضات، ومن أبرز هذه الأزمات:
أولا: الغضب الاسرائيلي غير المسبوق على نتنياهو وتحميله مسؤولية أكبر وأخطر إخفاق عسكري حصل في تاريخ إسرائيل، ومطالبته بالتنحي عن الحكم، والدعوات المتكررة لمحاكمته وسجنه، فضلا عن ضغط أهالي الأسرى والذي يُظهر نتنياهو في صورة العاجز عن تحقيق مطالبهم بالإفراج عن أبنائهم.
ثانيا: عجز الجيش الاسرائيلي عن تحقيق أي تقدم في الميدان، وعدم قدرته على تثبيت أي نقطة له في غزة، فيما حماس تلاعبه تارة عبر الأنفاق وتارة أخرى بالضرب من الخطوط الخلفية وفي كلا الحالتين توقع الخسائر الكبيرة والموجعة في صفوفه وفي آلياته ودباباته.
ثالثا: عدم قدرة القصف الجوي والبحري والبري على إضعاف المقاومة الفلسطينية التي ما تزال تتسلم زمام المبادرة وتتحكم في أرض المعركة وتطلق صواريخها بحرية تامة باتجاه العمق الاسرائيلي. وصولا الى بث أفلام عن القدرة العسكرية والصاروخية التي تمتلكها المقاومة والتهديد من خلالها بإحراق وتدمير تل أبيب.
رابعا: تمسك أهل شمال غزة بأرضهم وعدم مغادرتها بإتجاه الجنوب، الأمر الذي يُفشل مخطط التهجير، رغم القتل والتدمير والقصف العشوائي والذي يواجه بصمود أسطوري.
خامسا: عدم قدرة إسرائيل على الوصول الى الأسرى الذين لن تستطيع كتائب القسام إطلاق سراحهم في صفقة تبادل جديدة تحت نيران القصف، ما قد يعرض الأسرى للقتل بنيران جيشهم، وهذا يعني إنتفاضة في الداخل الاسرائيلي من قبل الاهالي بوجه نتنياهو.
لا شك في أن ستين يوما من العدوان المستمر على مدار الساعة لم يتمكن خلالهم نتنياهو من تحقيق أهداف حربه وهي إجتثاث حماس وتحرير الأسرى، ما يجعله يلجأ الى مزيد من التصعيد سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني الذي يعطي إشارات مقلقة جراء توسع رقعة القصف الاسرائيلي الذي يمعن في خرق القرار ١٧٠١ لجهة الاصرار على إستهداف الجيش اللبناني في وقت تحقق فيه المقاومة الاسلامية إصابات مباشرة في صفوف جنوده وآلياته ومراكزه.
يمكن القول، إن إطالة أمد الحرب في غزة سواء الى رأس السنة الجديدة أو الى ما بعدها، والتصعيد المتمادي في الجنوب اللبناني، قد يضع المنطقة برمتها أمام بركان مشتعل لا أحد يعلم متى ينفجر، ولو أن أميركا تعمل على عدم تمدد المواجهات في الجنوب اللبناني، الا أن التمنيات والتوجهات شيء وتطورات الميدان والاستفزازات ونتائجها شيء آخر..