تستمر الحرب على غزة، ويستمر الاخفاق الاسرائيلي معها عن تحقيق الأهداف التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ما يعمّق من مأزق أسرائيل المطالَبة بتحقيق إنجاز ليس بمتناول يدها ويضاعف ذلك من وحشيتها وإجرامها في قتل المزيد من الأطفال والمدنيين وفي تدمير المنازل والمستشفيات على رؤوس قاطنيها.
هذا الواقع دفع مصادر غربية الى التأكيد بأن تحقيق أهداف المعركة في إسقاط المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى بالقوة يحتاج الى سنوات طويلة في ظل الخسائر التي تتكبدها إسرائيل يوميا والعمليات النوعية التي ينفذها المجاهدون والتي تطورت بعد إستئناف العدوان الى نصب أفخاخ ومصائد لإيقاع أكبر الخسائر بجيش الاحتلال.
لا شك في أن إستمرار المعركة بهذا الشكل سيجعل العدو على موعد مع مواجهة أنفاق كتائب القسام الممتدة على كامل مساحة قطاع غزة، ما يطرح سؤالا جوهريا هو، إذا كان واقع إسرائيل مع غزة فوق الأرض على هذا الشكل من الخسائر الكبرى، فكيف سيكون حاله عندما يقع في مستنقع الأنفاق التي تخبئ المفاجآت غير السارة لجيش العدو الذي بالرغم من كل الدعم الاستطلاعي الغربي الذي يتلقاه لم يستطع حتى الآن ضرب أي من هذه الأنفاق أو إستهداف أي من قادة المقاومة أو تحرير أي أسير أو تحقيق تقدم واضح في الميدان؟.
في غضون ذلك يشتد الخناق على حكومة الإحتلال في ظل عدم قدرة الكيان على تحمل هذا النزف من إقتصاده ومن إنتاجه، وعلى مواجهة صراخ أهالي الأسرى الذين يساهمون في تعبئة عامة إسرائيلية ضد نتنياهو العاجز عن إعطاء أجوبة شافية وواضحة عن أمد الحرب وعن الأهداف التي تتكسر أمام بطولات المقاومين.
في المقابل، لا يمكن للحرب على غزة أن تتوقف من دون تحقيق إنجاز يقدمه نتنياهو الى شعبه والى الدول الغربية الداعمة للجلوس على طاولة المفاوضات من موقع قوة، وبالتالي فإن توقف الحرب من دون إنجاز يعني سقوطا مدويا للكيان الاسرائيلي، لذلك فإن أميركا ومعها الغرب ستبذل كل ما بوسعها للوصول الى أي إنجاز عسكري في غزة، سواء عبر الدعم اللوجستي أو تقديم المعلومات الاستخبارية والاحداثيات التي تساعد إسرائيل على تحقيق إنتصار ولو كان وهميا أو صوريا أو إعلاميا.
ومع بدء هذا السيناريو تزداد مخاطر الإنزلاق الى حرب إقليمية خصوصا أن حماس ليست وحدها، بل هي تقف على أرضية صلبة بدعم محور كبير يدرك أن سقوط غزة يعني سقوط وهزيمة له، وهو لن يقف مكتوف اليدين ويبدو أن في جعبته الكثير من المفاجآت العسكرية والميدانية من اليمن الذي وجه رسالة قاسية من نافذة باب المندب الى جنوب لبنان الذي تقوم المقاومة الاسلامية فيه بدور مساند وتحقق إصابات مباشرة في صفوف جيش الاحتلال، فهل تبقى الأمور تحت السيطرة وضمن قواعد الاشتباك خارج غزة، أم أن ما يحصل مقدمة لحرب إقليمية كبرى؟!.. الكرة في ملعب أميركا والغرب..