هل كنتم تعلمون أن هناك قائمة طويلة بمنتجات ممنوعة في غزة، وأن إسرائيل وحدها تتحكم بالسلع التي يُسمح أو يُمنع دخولها إلى القطاع، منذ الحصار الذي فرضه الاحتلال عام 2006 وعزّزه في الـ2007؟
جاءت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، والتي شنّها الاحتلال رداً على عملية طوفان الأقصى أو ما يُعرف بـ”هجوم السابع من تشرين الأول”، لتعرّف عدداً كبيراً من الناس حول العالم إلى معاناة الفلسطينيين عن كثب في غزة.
فالسردية الإسرائيلية كانت وحدها المهيمنة على المشهد الإعلامي الغربي، الذي تشعر وكأنه اكتشف للتو أن القطاع يعيش حصاراً خانقاً فرضته قوات الاحتلال، فتحوّل إلى سجنٍ بشري كبير محاط بمعابر تتحكم بها دولة الاحتلال.
منتجات ممنوعة في غزة
تمارس قوات الاحتلال رقابة مشددة على كل مَن يدخل ويخرج مِن وإلى قطاع غزة منذ أكثر من 15 عاماً، عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الانتخابات وتوليها الحُكم.
طال الحصار حركة الأفراد وأيضاً حركة البضائع والنقل، فهناك قائمة طويلة بمنتجات ممنوعة من دخول غزة، تتغير بين الفترة والأخرى بالتخفيف تارةً أو التشديد طوراً.
في العام 2010، ازداد عدد هذه السلع، فصار هناك منتجات ممنوعة في غزة بالآلاف، من دون وجود أسباب واضحة لذلك. ففي العام نفسه، تساءلت صحيفة “Haaretz” العبرية عن سبب منع إدخال الكزبرة إلى غزة.
وكتبت في مقالها: “ترفض وزارة الدفاع -لأسباب أمنية على حدّ قولها- الكشف عن سبب حظر إسرائيل استيراد مواد، مثل: الكزبرة، والمربى، والشوكولا، والبطاطا المقلية، والفواكه المجففة، والأقمشة، والدفاتر، وأواني الزهور الفارغة، والألعاب إلى قطاع غزة”.
القائمة تقريبية وجزئية، وتتغير من وقتٍ لآخر. ووفقاً لـ”منظمة مسلك” (Gisha) الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فإن معرفة الناس بوجود منتجات ممنوعة في غزة تستند إلى معلومات من التجار والمنظمات الدولية ولجنة التنسيق الفلسطينية.
وجميعهم “يستنتجون” ما هو مسموح وممنوع، بناءً على خبرتهم في طلب الإذن بإدخال البضائع إلى غزة، وعلى الإجابات التي يتلقونها من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ولا يمكن التحقق من هذه القائمة مع السلطات الإسرائيلية لأنها ترفض الكشف عن المعلومات المتعلقة بالقيود المفروضة على نقل البضائع إلى غزة، مع الإشارة إلى أنها تسمح بدخول بعض المواد “المحظورة” لاستخدام المنظمات الدولية.
في العام 2018، كانت هناك منتجات ممنوع إدخالها إلى غزة غريبة جداً، مثل: رضاعات وحفاضات الأطفال، إضافةً إلى الصابون وفساتين الأعراس.
وعلى هامش معرض حمل عنوان “منتجات ممنوعة في غزة”، قال رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة إن إسرائيل تمنع دخول أكثر من ألف نوع من الاحتياجات الأساسية إلى القطاع، مشيراً إلى أن الصناعة في غزة وصلت إلى “حافة الانهيار”.
وأوضح أن “80% من المصانع في غزة أُغلقت بسبب حظر إسرائيل دخول المواد الخام الضرورية إلى القطاع”. وأردف قائلاً: “هذا جزء من سياسة إسرائيل لخنق غزة، وتدمير الاقتصاد فيها بالكامل”.
وفي العام 2021، صادرت إسرائيل 23 طناً من ألواح الشوكولا كانت في طريقها إلى غزة بحجة أنها كانت ستُستخدم لدعم حماس! قبل ذلك، اشترط الاحتلال إزالة عنق البندورة الأخضر للسماح بتصديرها من غزة إلى الضفة الغربية!
منذ 2008.. منتجات ممنوع إدخالها إلى غزة
عام 2008، أعدّت سلطات الاحتلال وثيقة “استهلاك الغذاء في قطاع غزة – الخطوط الحمراء”، وقد خاضت منظمة “مسلك” الإسرائيلية معركة قضائية طويلة من أجل الحصول عليها، إلى أن تم الكشف عنها في العام 2012.
وكانت الفضيحة الإنسانية الكبرى أن الوثيقة قدّرت الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يحتاجها الفرد في قطاع غزة، وتوصلت إلى أنه لا يحتاج إلى أكثر من 2279 سعرة حرارية، بناءً على نموذج أعدّته وزارة الصحة الإسرائيلية.
وأفاد أعضاء مسلك أن الهدف الأساسي وراء هذه السياسة هو شنّ حرب اقتصادية، من شأنها شلّ اقتصاد القطاع، وممارسة الضغط على حكومة حماس.
ادعت حكومة الاحتلال وقتئذٍ أن الدراسة كانت مجرد مسودة، ومع ذلك اعترف مسؤول إسرائيلي لـBBC أن هناك منتجات ممنوعاً إدخالها إلى غزة “لم يكن القرار فيها عقلانياً أبداً”. فيما أعلن ليغال بالمور، رئيس المكتب الصحفي في وزارة الخارجية الإسرائيلية من 2008 إلى 2014: “لم نفهم أبداً لماذا منعت وزارة الدفاع دخول الكزبرة إلى غزة”.
في العام 2009، تم منع إدخال الكتب إلى غزة إضافةً إلى: أقلام التلوين، والأكواب، والشموع، والشراشف، والنظارات، وأدوات المائدة، والمعكرونة، والشاي، والقهوة، والسميد، والمكسرات، ومنتجات الألبان ذات الحجم الكبير، والأجهزة الكهربائية، والآلات الموسيقية، والأواني الفخارية، والإبر، والأحذية، وقطع غيار السيارات، والخشب.
لاحقاً في العام نفسه، عادت سلطات الاحتلال وسمحت بإدخال المعكرونة، بعدما أعرب السيناتور الأميركي جون كيري عن دهشته لحظرها.
عام 2016، عادت الكزبرة لتكون ضمن المنتجات الممنوع إدخالها إلى غزة. وإلى جانبها، تمّ اعتبار كل من الشوكولا، وبعض الفواكه، وألعاب الأطفال، وورق المرحاض، والدفاتر على أنها “كماليات”؛ فمُنعت من دخول غزة.
وفي فتراتٍ متفاوتة، منعت إسرائيل إدخال الكراسي المتحركة، وكرات القدم، والعدس، ومعجون الطماطم. وقد ذكرت صحيفة Haaretz أنه في فترةٍ ما تمّ حظر المشروبات الغازية، والتوابل، والكمون، وكريم الحلاقة، والقهوة الفورية، والبسكويت، فيما يُسمح لهم بالحلاوة الطحينية.
هناك قائمة أخرى تضم منتجات ممنوعة في غزة، بعدما صنفها الاحتلال على أنها “ثنائية الاستخدام”، يتمّ إدخال تعديلاتٍ عليها كلما مرّت المنطقة في حالة توترٍ عسكري أو العكس.
والمقصود بالسلع ثنائية الاستخدام، أي المنتجات أو المعدات أو المواد التي تكون معدة أساساً للاستخدام المدني في حياة الناس اليومية -مثل الصناعة والزراعة والاقتصاد- ولكن يمكن استخدامها أيضاً لتطوير الأسلحة والمعدات العسكرية.
انطلاقاً من هنا، تضيفها إسرائيل إلى القائمة التي تحمل عنوان “منتجات ممنوعة في غزة”، ولا يمكن لأي شركة تجارية تعمل على توريد البضائع الاعتراض على ذلك، فهذا الأمر غير قابل للنقاش وتعتبر إسرائيل أن إدخالها قد يضرّ بأمن تل أبيب.