لا يختلف إثنان على أن المؤسسة العسكرية تشكل اليوم خط الدفاع الأخير عن لبنان، وأن أي خلل قد يصيبها سيكون له تداعيات كارثية على مساحة الوطن ككل في ظل الازمات التي تتوالد والمخاطر التي تهدد البلاد بطولها وعرضها من الاعتداءات الاسرائيلية الى الفلتان الأمني المتنقل داخليا.
ولا شك في أن صمود المؤسسة العسكرية والذي ساهم بصمود لبنان لم يأت من فراغ، بل نتيجة وجود قيادة حكيمة نجحت في الحفاظ على هيكليتها ومعنوياتها وحضورها وانضباط عناصرها على إختلاف رتبهم بالرغم من الانهيار الاقتصادي الكبير الذي إفترس رواتبهم وقضى على قدرتها الشرائية.
ولا يمكن لأحد أن ينكر بأنه كان لقائد الجيش العماد جوزيف عون اليد الطولى في صمود هذه المؤسسة التي عمل على إحتضانها والحفاظ عليها بشتى الطرق منعا لإنهيارها وإنعكاس ذلك نهاية لوطن الأرز الذي ينتظر كثيرون إنهيار جيشه للانقضاض عليه.
لذلك، لا يمكن لعاقل يتمتع بالمسؤولية الوطنية أن يعمل على ضرب وإضعاف المؤسسة العسكرية، أو أن يتسبب بزعزعة هيكليتها خصوصا أن البلاد تعيش اليوم في حالة طوارئ يعتبر فيها الجيش صمام الأمان الوحيد، ويدرك الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ذلك وأن المسؤولية الوطنية تقتضي تأجيل تسريح العماد عون.
اللافت أن الجيش اللبناني الذي تجمع التيارات السياسية على ضرورة دعمه ومساندته والحفاظ عليه، بات اليوم وبفعل المصالح والانانيات موضع خلاف وإنقسام في ما بينها ما يشير الى تنامي حالات الانفصام بين تلك التيارات التي تقول الشيء ونقيضه في الوقت نفسه.
يتغنى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالجيش ودوره وبضرورة الحفاظ عليه، مع إدراكه أن أي خلل قد يصيبه في ظل عدم وجود رئيس للأركان قد يعرض المؤسسة لإهتزاز ليس في مصلحة أحد، إلا أن باسيل يفضل التضحية بالجيش والوطن لتحقيق مصلحته في عدم تأجيل تسريح العماد جوزيف عون لسحب ورقة ترشيحه لرئاسة الجمهورية من التداول كونها تقض مضجعه، لذلك وبحسب المعلومات فإن باسيل خرج عن طوره أمام الموفد الفرنسي لودريان الذي بدأ لقاءه معه في ميرنا الشالوحي بدعوته للتمديد لقائد الجيش ليخرج لودريان بعد قليل غاضبا ومن دون الادلاء بأي تصريح.
في غضون ذلك، تتعاطى القوات اللبنانية مع ملف قائد الجيش من منطلق مصلحي صرف، حيث تسعى لتحقيق المكاسب من موافقتها على تأجيل تسريح القائد وهي حتى الآن ما تزال تعتمد أسلوب المناورة بحثا عن المكاسب التي ستحققها، فيما يسير حزب الكتائب على النهج نفسه.
أما اللقاء الديمقراطي فأولويته هي لتعيين رئيس الأركان من منطلق طائفي وبعد ذلك لا مانع لديه من تأجيل تسريح قائد الجيش.
في حين ما يزال حزب الله يساير باسيل، مع رغبته بتأجيل تسريح العماد عون.
اعطت زيارة لودريان زخما لتأجيل تسريح قائد الجيش متقدما بذلك على الاستحقاق الرئاسي، حيث سيكون لهذا التمديد مساران، الأول في مجلس الوزراء وهو الأرجح، وفي حال تعذر ذلك سيتقدم الخيار الثاني لجهة تأجيل التسريح في جلسة تشريعية، مع محاذير يطرحها البعض من إمكانية إنعكاس الأصوات التي سيحصل عليها العماد عون على رئاسة الجمهورية وإمكانية توظيفها في هذا الاستحقاق.