جاءت زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان لترمي حجرا في مياه رئاسة الجمهورية الراكدة والتي إزدادت ركودا بعد عملية طوفان الأقصى وما رافقها من عدوان إسرائيلي على غزة وجنوب لبنان.
لم يحمل لودريان في جعبته جديدا لا على صعيد المبادرات ولا على مستوى الحلول، لكنه حرص على تذكير القيادات اللبنانية بضرورة إنتخاب رئيس خصوصا أن المنطقة مقبلة على إعادة ترتيب لا سيما بعد طوفان الأقصى ويفترض بلبنان أن يكون مستعدا لذلك، وأن يملأ هذا الفراغ الذي دخل شهره الرابع عشر.
وبالرغم من أهمية الاستحقاق الرئاسي بالنسبة للفرنسيين وسائر أعضاء المجموعة الخماسية، إلا أن لودريان المدرك لصعوبة إتمام هذا الاستحقاق في ظل الانقسام السياسي العامودي المستمر، عمل على تبديل الأولويات إنطلاقا مما يحصل في غزة وفي الجنوب اللبناني.
تشير المعلومات الى أن لودريان الذي أعتبر أن أحداث المنطقة يجب أن تشكل حافزا لانتخاب رئيس جديد، أعطى الأولوية لمسألتين أساسيتين، الأولى الحفاظ على الهدوء في الجنوب وبذل كل الجهود لمنع الإنزلاق الى حرب مفتوحة مع إسرائيل من خلال الالتزام بالقرار ١٧٠١، والثانية الحفاظ على المؤسسة العسكرية وجهوزيتها وإنضباطها وعدم التسبب بأي خلل قد يفقدها أو يضعف دورها، بما يعني ذلك تأييد تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون.
ولا شك في أن ما يدعو اليه لودريان يعبر عن وجهة نظر أميركية، سعودية وقطرية خصوصا أنه إلتقى المستشار السعودي نزار العلاولا قبل مجيئه الى لبنان.
وتقول المعلومات الى أن لودريان عاد وأكد أمام كل من التقاهم على ضرورة التشاور للوصول الى قواسم مشتركة تفضي الى انتخاب رئيس جديد، وهو عبر عن أسفه بأن ما شهدته المنطقة من أحداث دامية لم يحفز المسؤولين اللبنانيين على إتمام هذا الاستحقاق.
وتتزامن زيارة لودريان مع حراك قطري سواء على صعيد طرح الخيار الثالث لرئاسة الجمهورية قبل إنتهاء ولاية قائد الجيش أو لجهة تأجيل تسريحه في حال لم يصر الى إنتخاب رئيس.
كل ذلك يشير الى أن الاهتمام بعدم حصول فراغ في قيادة الجيش يتقدم ولو مؤقتا على رئاسة الجمهورية التي يعلم القاصي والداني أن معضلتها ما تزال عصية على الحل، ما يضع القيادات اللبنانية امام خيارين، فإما تأجيل تسريح قائد الجيش أو إنتخاب رئيس يعيد الانتظام العام الى المؤسسات قبل إنتهاء ولاية القائد!.