أفسحَ تطبيقُ الهدنة بدءاً من صباح اليوم الجمعة للشعب الفلسطيني أنْ يلتقطَ أنفاسه ويتفقدَ ممتلكاته، ويحصلَ على جزءٍ من المساعدات الإنسانية الضرورية لتعزيز صموده، مع تسجيل دخول أكثر من مئة شاحنة عبر معبر رفح. وقد أظهرت الصور هول التدمير الذي أفنى عائلاتٍ بأكملها، في ظل ارتفاع عدد الشهداء إلى ما يناهز الخمسة عشر ألفاً.
وفي وقت يراجع كل طرف حساباته ويبني لليوم التالي، بدا من الواضح أن حكومة الحرب الإسرائيلية لا تفكر إلا بكيفية مواصلة التدمير والقتل في اليوم التالي، وقد أتى التشديد على استمرار الحرب على لسان العديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، ومن بينهم وزير الدفاع يوآف غالانت الذي قال توقع استمرار الحرب لشهرين إضافيين. وفي المقابل، كان رد الفصائل الفلسطينية واضحاً لجهة أن اليوم التالي للهدنة، يتوقف على سلوك إسرائيل. فالقيادي في "حماس" اسماعيل هنية أكد التزام "تنفيذ الاتفاق وإنجاحه طالما التزم العدو"، مشدداً على أن "حماس لن تغادر مواقعها خلال المعركة وأثناءها". ومن جهته شددت "سرايا القدس - حركة الجهاد الإسلامي" على لسان الناطق باسمها "أبو حمزة"، أن السرايا "ستلتزم بوقف العمليات العسكرية والصاروخية ما التزم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأكد أن أي خرق سيقابل بالرد المناسب".
وفي المواقف العربية، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنّه "يسعى إلى تمديد الهدنة للإفراج عن مزيد من الأسرى"، مؤكداً أنّ "الأولوية الآن هي احتواء التصعيد وتوفير مساعدات لقطاع غزة. وشدد السيسي عقب مباحثات مع رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا على أنّ "مصر لم ولن تغلق معبر رفح".
وفي جنوب لبنان، خيم الهدوء الحذِر بعد أيام من الإشتباكات العنيفة والتصعيد الإسرائيلي الذي توّج باستهداف مجموعة من نخبة ضباط حزب الله وإعلاميي "الميادين"، وتم الرد عليه بالشكل المناسب لحدة العدوان. هذا في وقتٍ لا يحجبُ غبار المعارك والهدنة، المساعي الحثيثة التي تقودها الولايات المتحدة والدول الغربية، للعبث بأمن الجنوب وقواعد الردع عبر خلق أجواء إعلامية وسياسية مطالبة بتوسيع القرار 1701 والعودة إلى المخططات التقليدية بمحاولة زج الجيش اللبناني في وظيفة توفير أمن إسرائيل من جنوب لبنان.
وفي المواقف، كان لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل تذكيرٌ بالمبادئ الأساسية للإستقرار والسلام في المنطقة، الذي لا يمكن أن يكون إلا بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس بحسب باسيل. وشدد رئيس "التيار" على أن "قدر لبنان بالجغرافيا والتاريخ أن يكون اكثر دولة دعمت وتحمّلت وبقيت داعمة للقضية الفلسطينية على الرغم من "الخطايا" لبعض القيادات الفلسطينية بحق لبنان".