بعد فترة طويلة من المفاوضات، تمكن الوسطاء من التوصل إلى هدنة لمدة أربعة أيّام في قطاع غزة، أعلن عنها الوسيط القطري، ستدخل حيز التنفيذ إبتداءً السّاعة السّابعة من صباح اليوم الجمعة، تشمل 6 بنود جرى إدخال تعديلات كثيرة على بنودها قبل أن يتم التوافق عليها وفق الصيغة التي جرى الإعلان عنها.
أهم بنود الهدنة هو إيقاف الأعمال العسكرية خلالها وتبادل إطلاق أسرى من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خصوصاً النساء والأطفال، وإدخال شاحنات وقود ومواد غذائية إلى القطاع المُحاصر، بما سيسهم بلا شك في تخفيف معاناة أهالي القطاع الذين عانوا الأمرّين من جرائم الإحتلال الإسرائيلي على مدى الأيّام الـ48 من عدوانه عليهم بعد عملية “طوفان الأقصى” غير المسبوقة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول الماضي، وجعل الإسرائيليين يجنّ جنونهم بسببها.
فور الإعلان عن الهدنة شكّك كثيرون في التزام الإسرائيليون بها، وتوقعوا خرقها لسبب أو لآخر، خصوصاً بعد اعتراض أطراف في حكومة الإئتلاف داخل الكيان على الهدنة، ورفضهم لها، وانتقادهم رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو عليها، واعتبارهم أنّها تشكل إنتصاراً للمقاومة وتحديداً حركة حماس، بعدما عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أغلب أهدافه التي أعلن عنها منذ بدء عمليته العسكرية، وأهمها إسترداد أسراه لدى المقاومة بقوة السّلاح، والقضاء على حركة “حماس” وتدمير بنيتها العسكرية، ما جعل بعض أطراف الإتئلاف الإسرائيلي يعلنون أنّهم سيستكملون القضاء على حركة “حماس”، وبقوة أكبر، بعد انتهاء الهدنة.
غير أنّ الهدنة المؤقتة التي تمّ التوصل إليها في قطاع غزّة طرحت تساؤلات حول إذا كانت ستمتد إلى لبنان أم لا، الذي تشهد ساحته الجنوبية تصعيداً عسكرياً لافتاً في الأيّام الأخيرة، وتحديداً ما شهده يوم أمس، عندما استهدف الإسرائيليون قوة تابعة لحزب الله إستشهد عناصرها في العدوان، وكان على رأسهم عباس رعد (سراج) نجل رئيس كتلة الحزب في مجلس النواب محمد رعد، إضافة إلى قياديين في الحزب، ما رفع منسوب التوتر بشكلٍ كبير عند الحدود الجنوبية اعتبر تجاوزاً لكلّ الخطوط الحمر، وأنذر بتصعيد خطير كان مراقبون حذروا منه مؤخراً، مفاده أنّ الإسرائيليين قد لن يتوانوا عن تسخين جبهة لبنان مقابل تهدئة مؤقتة لجبهة قطاع غزة.
ما سبق لا يدعو إلى الحذر فقط، إنّما إلى القلق من أنّ الإسرائيليين الذين خسروا هيبتهم العسكرية في قطاع غزة، وتلقوا هزيمة مدوية أسقطت مقولتهم الشّهيرة بأنّهم جيش لا يُقهر، أنّ يسعوا وراء مغامرة مجنونة من أجل ردّ اعتبارهم في لبنان، وارتكابهم جرائم ومجازر قد لا تقلّ فظاعة عن تلك التي ارتكبوها في غزّة، من غير أن يرفّ للعالم الحرّ والمجتمع الدولي جفن.