2024- 11 - 22   |   بحث في الموقع  
logo مقدمات نشرات الاخبار logo شرف الدين: عودة النازحين السوريين تكشف عن "أكاذيب" الغرب logo بالفيديو: غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية! logo من فلوريدا إلى وزارة العدل... بام بوندي تحت الأضواء في عهد ترامب logo حيفا تحت النار... وأكثر من 300 ألف مستوطن في حالة هلع! logo قتيلٌ في إحصاءات غرفة التحكم logo نشاط ملحوظ لحزب الله داخل مجلس النواب logo تحذيرٌ إسرائيلي "عاجل" إلى سكان الضاحية (صور)
منذ رحيل سلامة: الاحتياطات ارتفعت 425 مليون دولار
2023-11-23 13:40:22


منذ حصول الانهيار المصرفي في الربع الأخير من العام 2019، وحتّى انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، تحوّل استنزاف احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبيّة إلى سمة من سمات السياسة النقديّة المتعمدة. لغاية أيلول من العام 2022، كان هذا الاستنزاف يجري تحت عناوين دعم استيراد المحروقات والقمح والأدوية، وفي مرحلة ما المواد الغذائيّة. وبعدها، استمرّ هذا النزيف بذريعة التدخّل لضبط سعر الصرف في السوق الموازية، عبر ضخ الدولارات في مرحلة تشغيل منصّة صيرفة، سيئة الذِكر والسُمعة. وفي النتيجة، لم يَشهد لبنان على مرّ السنوات الأربع الماضية، وحتّى لحظة انتهاء ولاية سلامة، أي حقبة استقرّ فيها حجم الاحتياطات أو ازداد.
في أرقام مصرف لبنان، ثمّة ما يعكسُ فداحة التداعيات التي أدّت إليها هذه السياسة النقديّة. منذ أواخر تشرين الأوّل 2019، وحتّى انتهاء ولاية سلامة في بداية آب 2023، تراجع حجم الاحتياطات الجاهزة للاستعمال من 31 مليار دولار إلى 8.76 مليار دولار، أي أنّ مصرف لبنان خسر 72% من إجمالي الاحتياطات المتوفّرة بحوزته. وفي آخر سنة من ولاية سلامة، ورغم وقف دعم استيراد المحروقات، بدّد المصرف 2.3 مليار دولار من هذه الاحتياطات، في المرحلة التي صاحبت توسّع عمل منصّة صيرفة، وضخ الدولارات من خلالها، بشكل غامض وملتبس وغير مجدٍ كما تبيّن لاحقًا (وكما سيبيّن هذا المقال بالتحديد).الاحتياطات ترتفع مع رحيل سلامةبعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وتسلّم نائبه الأوّل وسيم منصوري الحاكميّة بالإنابة، تغيّرت الأمور إلى حد كبير. كان شعار الامتناع عن "تمويل الدولة" بالدولار أو بالليرة أبرز الشعارات التي حملها منصوري، محميًا بقرار جماعي من المجلس المركزي للمصرف. لكنّ هذا الشعار، لم يكن أبرز تحوّلات السياسة النقديّة المصرف، لكون تمويل الدولة، بمعنى إقراضها بالعملة الصعبة، لم يكن العامل الأساسي والأهم الذي يستنزف الاحتياطات (ونحن نُصر على التمييز دائمًا بين التمويل بمعنى الإقراض، وبيع الدولارات للقطاع العام بموجب عمليّات قطع). أمّا تسديد رواتب موظفي القطاع العام بالدولار، فاستمر كما كان الحال قبل انتهاء ولاية سلامة، بينما قام المصرف المركزي بشراء قيمة موازية من الدولارات من السوق الموازية.
أبرز ما تغيّر فعليًّا على مستوى السياسة النقديّة، هو إحالة منصّة صيرفة على التقاعد، ووقف الاستنزاف الغامض وغير المفهوم من الاحتياطات في سبيل تمويلها. مع الإشارة إلى أنّ المنصّة، ومنذ إطلاقها، لم تلتزم بمعايير واضحة وموحّدة بين المصارف، لتحديد فئات العملاء التي يُسمح لها بشراء الدولار، بسعر صرف المنصّة المنخفض مقارنة بسعر السوق الموازية. كما لم يكشف المصرف المركزي يومًا عن آليّات بيع الدولارات للقطاع العام، عبر المنصّة، أو للمستوردين والصناعيين. كما لم يوضّح كيفيّة اختيار شركات الصيرفة التي تتعامل معها المنصّة، لشراء الدولارات من السوق.
نتيجة إلغاء المنصّة كانت واضحة جدًا: منذ انتهاء ولاية سلامة، في بداية شهر آب الماضي، ولغاية منتصف شهر تشرين الثاني الحالي، أي خلال ثلاثة أشهر ونصف شهر، ارتفع حجم الاحتياطات التي يملكها مصرف لبنان بقيمة 425 مليون دولار أميركي. بصورة أوضح، كانت هذه المرّة الأولى التي ينتقل فيها مصرف لبنان من تبديد الاحتياطات، واستنزاف آخر ما تبقى من أموال المودعين الموجودة لديه، إلى مراكمة الاحتياطات. وخلال النصف الأوّل من شهر تشرين الثاني وحده، تمكّن المصرف من مراكمة 68 مليون دولار أميركي. وفي النتيجة، بات حجم الاحتياطات السائلة والقابلة للاستعمال، الموجودة بحوزة مصرف لبنان، تقترب من حدود 9.2 مليار دولار، بعدما لامست مستوى 8.76 مليار دولار في لحظة مغادرة سلامة لمنصبه.تطورات مهمّة لكن غير كافيةلا يحتاج المرء إلى كثير من الشرح لتبيان أهميّة التطوّرات التي حصلت خلال الأشهر القليلة الماضية. فاستنزاف الاحتياطات خلال مرحلة رياض سلامة، كان يفاقم الفارق ما بين إلتزامات مصرف لبنان بالعملة الصعبة للمصارف، وما تبقى من الدولارات المودعة لديه، وهو ما يمثّل عمليًا خسائر المصرف المركزي، أي بمعنى آخر: التآكل الذي طال أموال المودعين، التي أودعتها المصارف لدى مصرف لبنان. أمّا انتهاء حقبة الاستنزاف، بل والانتقال إلى مرحلة مراكمة الاحتياطات، فيعني وقف التنامي في حجم خسائر مصرف لبنان، بل والانتقال إلى تقليص حجم هذه الخسائر (ولو بقيمة ضئيلة مقارنة بحجم الخسائر الإجمالي، الذي يبلغ 60 مليار دولار في ميزانيّة مصرف لبنان وحدها).
ما يهم في هذه التطوّرات، لا يقتصر على وقف الاستنزاف فقط، بل يشمل أيضًا تمكّن المصرف المركزي من الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، من دون تبديد الاحتياطات كما كان يجري سابقًا. لا بل من المهم الإشارة إلى أنّ مصرف لبنان تمكّن، خلال الفترة نفسها، من الاستمرار بتمويل سداد الرواتب بالعملة الصعبة، عبر شراء ما يحتاجه من دولارات لإتمام هذه العمليّة من السوق الموازية مباشرة، من دون تخفيض حجم الاحتياطات المتوفّرة. وكل هذا المشهد يطرح السؤال بديهيًا عن سرّ أو مغزى تبديد الاحتياطات في الحقبة السابقة، أي حقبة سلامة، من دون أن يتمكّن المصرف المركزي حتّى من ضبط سعر الصرف في معظم الأحيان (بعكس ما يجري اليوم، ومن دون الحاجة لتبديد الاحتياطات).
من الناحية العمليّة، من المهم الإشارة إلى أنّ المصدر الأساسي لزيادة حجم الاحتياطات هو عمليّات القطع التي يجريها مصرف لبنان مع بعض الصيارفة في السوق، وهو ما يسمح للمصرف بمراكمة الفائض من الدولارات، بعد امتصاص ما يمكن امتصاصه منها من السوق، وبعد تمويل سداد الرواتب المدولرة. وهذا ما يشير إلى أنّ السوق الموازية قد تكون مهيأة، حسب موازين العرض والطلب الراهنة، لإطلاق منصّة تداول جديدة شفّافة، لتحل مكان منصّة صيرفة التي تم وقف عمليّاتها من بداية شهر آب الماضي.
لكن في الوقت نفسه، من الواضح أن كل ما سبق ذكره من تطورات مهمّة وإيجابيّة، لا يُعد كافيًا لضمان سياسة نقديّة مستقرّة ومستدامة على المدى الطويل. إذ أنّ استقرار السياسة النقديّة سيتوقّف على مدى نجاح منصّة التداول الجديدة، وتحديدًا من جهة شفافيّة الآليّات المعتمدة لإدارة التداول من خلالها. كما سيتوقّف الاستقرار النقدي على مدى نجاح سائر المعالجات المطلوبة بشكل ملح، مثل توحيد أسعار الصرف ومعالجة فجوة النظام المالي وإعادة التوازن للماليّة العامّة. وجميع هذه الإجراءات تنتظر اليوم العودة إلى العمل وفق خطّة تعافٍ مالي شاملة، بعدما تعرّضت الخطّة الأخيرة لعثرات عديدة خلال الأشهر الماضية.



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top