في السابع من أكتوبر إحتفلت طرابلس بالإنتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية على العدو الاسرائيلي في غلاف غزة، وأعربت عن غضبها العارم على العدوان البربري والإجرامي الذي تلاه على قطاع غزة وأهلها فخرجت بتظاهرات منددة ومستنكرة ونظمت تحركات إحتجاجية مطالبة بوقف المجازر والابادة الجماعية بحق الأطفال والنساء والشيوخ.
وأبت طرابلس إلا أن تشارك بدمها دعما للمقاومة ونصرة لفلسطين، فقدمت إبن مدينة الميناء الشهيد محمود درويش (أبو أحمد الطرابلسي) ضمن شهداء المقاومة الاسلامية في لبنان في الأيام الأولى للمواجهات في الجنوب مع العدو الإسرائيلي، وهي قدمت أمس ثلاثة شهداء من أبنائها على طريق القدس أرتقوا خلال تأديتهم واجبهم الجهادي ضمن معركة طوفان الاقصى.
وكما في المقاومة كذلك في الاعلام، فلطرابلس حصتها من الشهادة التي كانت على موعد معها في عدوان تموز ٢٠٠٦ بإرتقاء المصورة الصحافية الشهيدة ليال نجيب، ويوم أمس أيضا مع إبنها المصور في قناة الميادين ربيع معماري الذي إستشهد مع زميلته في القناة فرح عمر ومرافقهما حسين عقيل بصاروخ إسرائيلي إستهدف السيارة التي يستقلونها.
لم تكن طرابلس يومًا الا مع فلسطين، وهي تحركت يوم وجدت الجرح يتعمق والمخاطر تتزايد بسبب الاجرام غير المسبوق من قبل العدو الاسرائيلي، فهبت مجموعة من ابنائها من مختلف الاتجاهات لنصرة اخوانهم في غزة من خلال جبهة جنوب لبنان، لتمتزج دماءهم مع دماء إخوانهم المقاومين في الجنوب وتمتد الى فلسطين والى غزة لتشكل جسر العبور الى النصر.
في طرابلس، لا يصح إلا الصحيح، وفيها الحق يعلو ولا يعلى عليه، وحق فلسطين يتقدم على كل ما عداه، فللمدينة تاريخ مجيد مع هذه القضية في دعمها ونصرتها والدفاع عنها وإحتضان أهلها، وبذل الدماء رخيصة لها، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية والطائفية والمذهبية والتي تسقط جميعها أمام مقاومة المحتل الاسرائيلي الذي لا يفرق في عدوانه بين اللبنانيين.
لذلك، فإن طرابلس لا تضيّع البوصلة الوطنية والعروبية والقومية، وهي وإن تعرضت في ظرف سياسي معين الى عملية خطف، حيث تم إلباسها لباسا ليس لها وقناعا لا يليق بها، وحُمّلت مواقف لا تتلاءم مع تاريخها، إلا أن كل ذلك سقط مع أول رصاصة أطلقتها المقاومة في فلسطين ومع أول صلية صواريخ أطلقت من الجنوب اللبناني.
لطالما تفاعلت طرابلس مع القضية الفلسطينية، ولطالما رفدت المقاومة بالمجاهدين وتفاعلت مع عملياتها وإنتصاراتها، وهي اليوم تتطلع بشغف الى بطولاتها في غزة وفي جنوب لبنان وتقدم الشهداء لتغدو جزءا أساسيًا من المقاومة وشريكة في صناعة الإنتصار القادم.