مع دخول الحرب على غزة اسبوعها السادس، يستمر العدو الإسرائيلي في اجرامه اللا محدود، في محاولة مستمرة لترهيب اهل القطاع وتهجيرهم. غير ان تطوراً جديداً برز امس، تمثل في توسيع العدو لرقعة الاعتداءات على الحدود الجنوبية اللبتانية مع فلسطين المحتلة، ضارباً بعرض الحائط القرار ١٧٠١ ومتخطياً قواعد الاشتباك.
ومع تواصل القصف العشوائي في غزة والذي لم يعد يفرق بين منزل ومستشفى ومدرسة، باتت كلمة “كارثي” هي اقل ما يقال عن المنظومة الصحية في القطاع. وبحسب مدير التمريض في مستشفى غزة الأوروبي الدكتور صالح الهمص، فإن “مستشفى الشفاء بات خارج الخدمة تماماً، فيما يجري افراغ مئات المصابين من المستشفى الاندونيسي بإتجاه مستشفيات جنوب ووسط قطاع غزة، والتي هي ايضاً مثقلة بالمصابين”. ويضيف “على سبيل المثال، المستشفى الأوروبي والذي يستوعب في الأيام العادية ما بين ٢٠٠ الى ٢٢٠ سريراً، قد تصل سعة الاسرة فيها الى ٦٠٠ سرير”.
ويتحدث الدكتور الهمص عن ان “المعضلة الكبرى هي في كيفية تأمين مكان للمريض او المصاب داخل المستشفى. فبات المرضى يوضعون في الممرات، ونقص الادوية مستمر. ونحن نعاني من كوارث في هذا الموضوع ومن هجمة لم تحصل لناحية طبيعة الإصابات وحجمها، وهذا ما يضعنا امام تحدٍّ كبير جداً. ونخشى ان يأتي يوم نعلن فيه انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة”. ويتابع “المستشفيات تعمل بكل طاقاتها، ويضاف الى كل اعبائها انها باتت أماكن لجوء للمواطنين. في بعض ممرات المستشفيات لا نجد موطئ قدم لا لمصاب ولا لمواطن، لا سيما واننا في موسم الشتاء”. لافتاً الى ان “عدد كبير من موظفي الكادر الطبي لم يذهبوا الى منازلهم لرؤية عائلاتهم منذ ٤٥ يوماً”.
الى ذلك، وفي حصيلة جديدة غير رسمية اعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفاع عدد الضحايا منذ بدء العدوان الى اكثر من ١٣٣٠٠ شهيداً، فيما أصيب اكثر ٣١٠٠٠ شخص بجروح، ونزح من شمال القطاع اكثر من ١٥٠٠٠٠٠ مواطن.
توازياً، وسّع كيان الاحتلال من دائرة استهدافاته في الجنوب اللبناني، فطال القصف المدفعي والغارات منازل داخل البلدات الحدودية. على وقع تهديدات الناطق بإسم جيش العدو الإسرائيلي، الذي قال “سنواصل مهاجمة حزب الله وكل من يحاول المس بأمن إسرائيل، فأي منطقة يتم منها إطلاق صواريخ من داخل لبنان يتم استهدافها من طرفنا”.
هي المرة الاولى منذ الثامن من تشرين الاول المنصرم (تاريخ بدء الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب)، التي يخرق فيها الاحتلال الصهيوني قواعد الاشتباك بهذا العمق. وبات واضحاً ان آلة الاجرام الاسرائيلية تحاول افتعال حرب جديدة مع لبنان لتسجل امام جمهورها انتصارا وهمياً، كما جرت العادة، ولتغطي به خسائرها الفادحة التي تكبّدتها جراء “طوفان الأقصى”.
وفيما اعلن حزب الله عن ارتقاء شهيد جديد له “على طريق القدس”، علق عضو هيئة الرئاسة في حركة امل النائب قبلان قبلان على استهداف مدفعية العدة لمنزله بالقول “ما استهدف هو الحجر وبالتالي فدا دم المقاومين فالحجر لا يُساوي نقطة دم واحدة”.
الى ذلك، وفي اطلالته التلفزيونية الاخيرة، جزم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان “الكلمة للميدان”. فهل اقترب الحسم؟ وهل بات دخول لبنان الحرب بشكل كلّي وشيكاً؟ الاكيد ان المقاومة لن تقف مكتوفة الايدي امام الهجمات الصهيونية، والرد بقصف كريات شمونة ليس الا نقطة في بحر ما يمكن ان تفعله.
والى ان تتبلور الصورة النهائية تبعاً للتطورات العسكرية الميدانية يبقى الامل بأولئك المجاهدين المرابطين على الحدود دفاعاً عن الارض حتى يتحقق النصر المبين.