صعوبة مذبوحة وصارخة تخطفك من كيانك حينما تقرر أن ترسم صور لزملاء اصدقاء في كلام يخرج من الروح...وهذا حالي مع فرح وربيع...وحسين" لا أعرفه"...
منذ سماعي لخبر استشهادهم وقلمي غاب عن الوعي، وخبر تلفوني حيث أصبح الورق أصيب بغيبوبة اللغة، وما أن شاهدت مراسيم التشييع عاتبتني روحي بصوتها المرتفع، وصفعتني، وكان الأمر:
الزميلة فرح عمر...أنيقة الكلام، مبتسمة وحالمة بأن تصنع مساحة تليق بحلمها، وصاحبة الشعر الطويل...هكذا عرفتها في أكثر من موقع، وذات أمسية اقتربت منها هامساً بأن لا تطلع بفقرتها دون الإهتمام بقميصها "فأبته" غير مرتبة!
اهتمت بما طلبت، واضح سألت من أكون، ومن ثم فرضت حضورها بسلام وشكر، وكلام جميل عني ...
تحاورنا، وكانت اسئلتها غاية بشابة تعشق الإعلام، وتريد أن تتطور، سألتها أولاً عن المغامرة، فكان ردها حاسماً مع ابتسامة:" اعشق المغامرة في الإعلام...شكلي ناعمة والله أنا إذا قررت بخوف"...
لم تغب تلك الجملة عن بالي كلما شاهدتها عبر شاشة قناة الميادين...وكنت كلما اشاهدها تقوم بعملها اقترب منها بأدب، وتكون التحية الأفضل منها، وحوار عامر فيه اسئلة تطرحها، والرد مني!
إنها صغيرة لكنها شجرة مثمرة، وإنها شمعة متوهجة لكنها متينة الانتماء، وبسبب حبها للوطن وللقضية حقد عليها العدو الصهيوني فأذابها في أرض المعركة لتنعش تراب الوطن!
إنها فرح الفرِحة بمستقبل مختلف رغم الظروف، وعمر قصير ترجمته صاحبته ببصمة من دماء الشهادة، وسنتذكرها كلما تحدثنا عن الإعلام المقاوم...ورحلت باكراً...
الزميل ربيع المعماري...هو المبتسم في كل الظروف، اعرفه قبل أن يعمل في الميادين، مهذب جداً، ووقح حينما يتطلب ذلك، طيب، يحب أن يقول الكلام الجميل، ويغازل كل من هم من حوله...هو رجل المواقف، وكم من مرة قال :" جربني وشوف إذا أنا قد كلامي أو لا"...ما أن يقع بصري على وجوده في أي موقع أجده منشغلاً بمهامه، اقترب منه بكلمة " شو يا رجل الكاميرا"...يبتسم، وفي لقاء ليس ببعيد، أخبرني: " كبرنا يا استاذ"!
احترمته ربيعاً لا يعرف غير المحبة والحسم وجمال المفردات، وحاول أن يكون معمارياً يرمم بقايا هذا الوطن فسقط باكراً من غيمة أرادته أن يحميها من همجية الصهاينة، فالتقطها في عدسته، وجعلها كفنه في قبره...
المواطن حسين عقيل...مستحيل أن تنظر إلى صورته ولا يخطر في بالك إنك تعرفه...كل ملامح هذا المواطن الشهيد تؤكد بأنه إبن الأرض، وشريكنا في وطن المقاومة...