أربعون يوماً ولا تزال غزة تحت الحصار وسط عالم قرر صمّ اذنيه عن نداءات الاستغاثة واصوات الأطفال الموجوعين، كما اغماض عينيه عن مشاهد الدماء والدمار والاشلاء المتناثرة تحت وفوق الأنقاض.
ومنذ السابع من تشرين الأول المنصرم، وتحت ذريعة انهاء حركة حماس، يواصل العدو الإسرائيلي اجرامه الفادح، غير آبه لا لمنازل او مخيمات لاجئين او أطفال ومدنيين عزّل، حتى المستشفيات باتت هي والمقيمين فيها احد أهدافه الأولية.
وفي حصيلة جديدة، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، ارتقاء ١١٦٣٠ شهيداً منذ بدء العدوان على القطاع، بينهم ٣١٦٥ امرأة و٤٧١٠ طفل. فيما وصل عدد الجرحى الى ٣١٨٠٠، ٨٤٢٣ منهم من النساء و٦٦٣١٠ من الأطفال. هذا ووصل عدد النازحين الى مليون وستمئة الف شخص، ٧٧٨ الفاً منهم يحتمون في مدارس الأونروا، فيما ابلغ عن ٣٦٠٠ مفقوداً بينهم ١٧٥٥ طفلاً. وتضرر جراء العدوان ٥٠ الف منزل بشكل كلي و٢٢٢ الفاً بشكل جزئي، ما رفع عدد البيوت المتضررة الى ٢٧٢٠٠٠.
ومع استمرار كيان الاحتلال برفض الالتزام بقرار مجلس الامن رقم ٢٧١٢، والذي يدعو الى إقامة هدنة وممرات إنسانية في جميع انحاء قطاع غزة، تزداد لحظة بعد لحظة الحاجة الماسة الى الوقف الفوري لاطلاق النار من اجل إقامة الممرات الإنسانية خاصة وان معظم المستشفيات باتت خارج الخدمة بسبب القصف ونقص الوقود، والامراض المعدية باتت تتفشى بشكل كبير.
وفي سياق متصل، يبدو ان الاتصالات الخارجية تنشط على اكثر من صعيد لتسريع صفقة تبادل الاسرى بين حركة حماس والعدو الإسرائيلي عساها تساهم اذا ما تمت في وقف العدوان. وقد أفادت معلومات عن ان قطر تعمل على اتفاق يفضي الى اطلاق سراح ٥٠ مدنياً اسرائيلياً محتجزين لدى حماس مقابل وقف لاطلاق النار لمدة ثلاثة أيام، يسمح خلاله العدو بزيادة دخول المساعدات الإنسانية لغزة، ويفرج عن بعض النساء والاطفال الفلسطينيين المعتقلين لديه. وفيما ابدت حركة حماس موافقتها على المقترح القطري لا يزال كيان الاحتلال يفكر فيه، اذ يعتبر انه لا يلبي طموحاته.
الى ذلك، لم يعد خافياً على احد دخول المدير العام للامن العام السابق اللواء عباس ابراهيم على خط المفاوضات لوقف القتال في غزة واطلاق سراح المعتقلين. وفي آخر المستجدات، افادت معلومات خاصة لـ “”، ان ابراهيم قام بزيارة الى الخارج اجرى خلالها مفاوضات غير مباشرة مع العدو الاسرائيلي عبر وساطات اميركية حصراً، بهدف الوصول الى حل ينهي معاناة اهل غزة.
وتلفت المصادر الى ان العدو الاسرائيلي هو من يعرقل سير المفاوضات بعكس ما يشير اعلامه عن ان حركة حماس هي المعرقلة، وتلفت الى ان كيان الاحتلال يحاول تقطيع اوصال قطاع غزة عبر عرقلة حرية الحركة بين شمال القطاع وجنوبه، ما يعرّض مصير اي هدنة للخطر.
من جهة ثانية، يعمل العدو الصهيوني على اتهام حركة حماس بأنها هي من تمنع امداد المستشفيات بكميات الفيول اللازمة لها لتعمل كما يجب وهي تخزنها من اجل استخداماتها العسكرية. وتخلص المصادر الى ان الطريق الى حل الوضع في قطاع غزة لا يزال مسدوداً بسبب تعنت الجانب الاسرائيلي ووضعه شروطاً بغاية التعقيد.
اذاً، في وقت تحول فيه العدوان الاسرائيلي على غزة الى حرب استنزاف لا احد يدري الى متى ستمتد، نجح اللواء ابراهيم في اتمام صفقة الافراج عن الايطاليين – الاسرائيليين، وهو يبذل قصارى جهده لاتمام المهمة الموكلة اليه بهدف “رفع الظلم عن الفلسطينيين الذين لهم الحق باستعادة ارضهم” كما يردد في مجالسه.
والى ان ترشح عن هذه الجهود النتائج المرجوة، يبقى اكيداً ان مصير العالم سيتقرر في فلسطين وتحديداً من غزة.