منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة في 8 تشرين الأوّل الماضي، بعد 24 ساعة من عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، إرتفعت أصوات عدّة في لبنان تدعو إلى الانتباه وأخذ الإحتياطات اللازمة في حال وسّع الإسرائيليون إعتداءاتهم وشملت لبنان، وضرورة وضع خطة لمواجهة المخاطر الداهمة.
إجتماعات عدّة عُقدت لهذه الغاية بين الوزارات والجهات الرسمية المعنية، وفي جميع المحافظات بلا استثناء، شُكّلت خلالها لجان متابعة، لكنّ أيّ خطوة عملية على الأرض لم تحصل، وتبين مع مرور الأيّام أنّ تلك الإجتماعات واللجان التي تم تشكيلها كانت شكلية فارغة من أيّ مضمون، ومجرد حبرٍ على ورق.
أحد الأمثلة على ذلك أنّ وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام خرج على المواطنين عبر وسائل الإعلام ليطمئنهم أنّ المواد والسّلع الغذائية التي تعتبر أساسية، وتحديداً الطحين، مؤمّنة في الأسواق لمدة ثلاثة أشهر، وأنّ هناك خطّة لزيادة نسبة إستيراد هذه السلع كي تؤمّن حاجة السّوق 4 أشهر أخرى، قبل أن يخرج بعض مستوردي هذه السلع لينفي مباشرة أو مداورة كلّ ما قيل ويُقال رسمياً بهذا الخصوص، ويلفت إلى أنّ مخاوف المواطنين الذين لم تطمئنهم وعود الدولة يقبلون على شراء وتخزين هذه السّلع في منازلهم ومخازنهم، وبأنّه إذا ما نفّذت إسرائيل إعتداءها على لبنان، وتوقفت حركة الإستيراد والتصدير، فإنّ السّلع المذكورة ستختفي من الأسواق في غضون أيّام قليلة، وأنّ إحتكار كبار التجّار لها سيكون الحاضر الأكبر.
مثل آخر يتمثل في الخوف من نقص أو فقدان أدوية من السّوق في حال حصول أيّ اعتداء إسرائيلي، وهو خوفٌ حاول وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن يزيله أو يخفف منه، بوعود مثل أنّ وزارته قد أعدت خطّة لهذه الغاية، وبالتالي لا داعي لأيّ هلعٍ أو قلق، وأنّ مخزون الأدوية يكفي أشهراً.
الرد على وزير الصحّة جاء من داخل بيته. نقيب الصيادلة جو سلوم نسف محاولات التطمين الوزارية كلّها تقريباً، عندما نبّه من إندلاع حرب واسعة، لأنّ لبنان برأيه “غير مهيّأ لذلك”، موضحاً أنّ “لا مخزون من أدوية الأمراض المزمنة لدى الصيدليات التي تتلقى الأدوية حسب حاجاتها”، وكاشفاً أنّ “لدى مستودعات الشّركات مخزون يكفي لشهر أو شهرين كحد أقصى”، ومشيراً إلى أنّ “جزءً كبيرا من الأدوية المستعصية مفقود، والجزء الآخر متوفر ويتم تسليمه للصيدليات بحذرٍ وبكمية محدودة، لمنع عمليات التخزين وقطع الطريق أمام احتكارها في سبيل بيعها في السّوق السّوداء”.
بناء على ما سبق يتبين أنّ سلعتين رئيسيتين هما الطحين والدواء يواجهان خطر فقدانهما من السوق، أو احتكار التجّار لهما، في حال حصول إعتداء إسرائيلي، من غير إغفال فقدان أو احتكار سلع هامّة أخرى كالمحروقات مثلاً، في بلدٍ مفلس ومنقسم على ذاته، ما يدفع لطرح سؤال: “عن أيّ خطّة تحدث المسؤولون في لبنان لمواجهة المخاطر الداهمة وتطمين المواطنين؟”.