السباق المحموم بين التهدئة والتفجير على نطاق المنطقة ككل، بات السمة الأساسية لكل الاتصالات واللقاءات التي تجري، خصوصا مع قرب إقتناع العالم بأسره بأن إسرائيل أعجز من أن تحقق إنجازا أو إنتصارا ولو حتى وهميا في غزة، وأنها تخضع لتوازن رعب على الجبهة الشمالية يدفع مسؤوليها الى إعتماد التهويل بتدمير لبنان بينما جيشهم يكاد يغرق في وحول غزة.
لا شك في أن لبنان سواء على المستوى الرسمي أو على صعيد المقاومة يتعاطى بواقعية تامة مع ما يجري وهو يؤكد انه لا يريد الحرب ومتمسك بالشرعية الدولية وأنه على إستعداد كامل للدفاع عن نفسه أمام الاستفزازات الاسرائيلية المتنامية والتي يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في كل جولاته ولقاءاته الى الضغط على إسرائيل للحد من هذه الاستفزازات لتجنيب لبنان الحرب.
وفي هذا الإطار، جاءت كلمة الرئيس ميقاتي أمام قمة الرياض لتحافظ على القواسم المشتركة بين اللبنانيين، في وسطية مطلوبة وضرورية في هذا الظرف الدقيق لحماية لبنان وردع العدو الاسرائيلي، فكان الموقف اللبناني على لسان ميقاتي واضحا ومتميزا وحاسما وواقعيا بعيدا عن البطولات وبعيدا عن أي ضعف، حيث أكد أمام القادة العرب والمسلمين أن لبنان يريد السلام وهو مع القرار ١٧٠١ وسيدافع عن نفسه في حال تعرض لأي عدوان.
ولا شك في أن مراهنة الرئيس ميقاتي على عقلانية حزب الله في صون المصلحة الوطنية العليا وعدم جرّ لبنان الى خيارات مجهولة، تأتي في مكانها الصحيح خصوصا أن ما يمارسه الحزب من ضبط نفس وتعامل مع إسرائيل وفقا لاعتداءاتها على لبنان فضلا عن تمسكه بالغموض الذي يعتبر عاملا أساسيًا في الحرب ويخشاه الاسرائيلي، كل ذلك يعزز من توازن الرعب الذي يمنع العدو من إرتكاب حماقة العدوان الشامل بالرغم من رغبة نتنياهو الغارق في وحول غزة.
وتقول مصادر متابعة: إن غزة ما تزال صامدة والبنية العسكرية للمقاومة في أفضل حالاتها، وتكبد العدو أثمانًا باهظة كلما حاول التقدم، وهي تخبئ له الكثير من المفاجآت.
وتشير هذه المصادر الى أن خرائط وصور الأقمار الاصطناعية أظهرت خلال ثمانية أيام إختفاء ٨٨ دبابة إسرائيلية من المشهد في الميدان الغزاوي من ناحية الشمال، ما يؤكد إعطاب هذا العدد من الدبابات، كما يرفع ذلك من مصداقية الناطق بإسم كتائب القسام أبو عبيدة الذي تحدث عن تدمير ١٦٠ دبابة على كل محاور القتال.
ويتناغم ذلك أيضا، مع ما قاله أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي تحدث عن تطورات الميدان، والتي يبدو انها مؤلمة جدا للعدو الاسرائيلي، خصوصا وبحسب بعض المحللين العسكريين فإن كل متر واحد يتقدمه الاسرائيلي تكلفه ١٧ بالمئة من إجمالي عدد قوته وآلياته، ما يعني ان خسائر إسرائيل بين قتيل وجريح وآليات مدمرة هي أضعاف مضاعفة عما تعلنه.
لذلك، فإن اسرائيل تمعن في قتل الصحافيين في غزة وتحرص على محاصرتهم وإعتقالهم ومصادرة معداتهم، في داخل الكيان، كونها لا تريد أن يكشفوا حجم خسائرها أو أن ينقلوا المشهد بحقيقته أو أن يُظهروا عجزها على الملأ، حتى أن المحللين الاسرائيليين باتوا ملزمين بمراجعة المخابرات الاسرائيلية قبل أي ظهور تلفزيوني.
كل ذلك يؤكد أن نتائج ومعطيات الميدان في غزة ليست لمصلحة إسرائيل..