ماذا يريد العدو ؟
بالرغم من إعلان العدو الصريح بأن الهدف من الحرب هو القضاء على حماس واقتلاع المنظمة التي كبدته أفدح الخسائر في السابع من أكتوبر من جذورها، لكن مجريات الأمور والوقائع الميدانية تشير إلى أهداف أخرى غير معلنة ليس أقلها اقتلاع الفلسطينيين كل الفلسطينيين.
وإلا كيف نفسر الهجمات والاعتداءات على الضفة الغربية والفلسطينيين فيها والذين يخضعون للسلطة الفلسطينية وليس لحماس؟
وكيف نفسر خلق ممرات آمنة والحديث عن هُدن وليست هدنة وهذا مصطلح تم ابتداعه خصيصاً لهذه الحرب البربرية وأهدافها الهمجية، بحيث أن الممرات الآمنة وهنالك حديث عن ممران حيث يتامن الخروج من شمال غزة إلى الجنوب، وهذان الممران هما سيعملان باتجاه واحد بحيث يخرج الفلسطينيون ألى الجنوب من دون حق العودة إلى الشمال.
وعملية الترانسفير هذه هي مرحلة إنتقالية بحيث يتم بعدها طرد الفلسطينيين من كامل القطاع، وذلك بالرغم من التأكيدات الدولية لا سيما الدول الداعمة لإسرائيل أن قطاع غزة لن يكون تحت السلطة الإسرائيلية. ولكن ما من احد في العالم ياخذ على محمل الجد هذه التطمينات فكل القرارات الأممية التي وافقت عليه الدول الكبرى لا سيما الدول الغربية لم يتم احترامها، فبقي قرار إنشاء الدولتين حبراً على ورق لأكثر من خمسة وسبعين عاماً.
من هنا وتحضيراً لمؤتمر السلام المزعوم - إذا عقد – فإن العدو الإسرائيلي سيحاول وضع العالم أمام أمر واقع جديد بحيث لا يبقى من الدولة الفلسطينية الموعودة سوى الضفة الغربية وذلك بعد أن يتم إفراغها من معظم سكانها، ويتم تهويد ما تبقى من القدس فيما القطاع الغني بالثروات النفطية والغازية سيصبح بالكامل تحت السيطرة الإسرائيلية.
المزاج العالمي
فيما العدو مستمر بهمجيته وبتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في غزة، وبالرغم من العتاد والقنابل الأكثر حداثة والأكثر تدميراً التي تزوده بها الولايات المتحدة وبالرغم من السلاح الجوي فإن العدو لا يحرز أي تقدم ملموس في الهجوم البري، بحيث يتقدم كالسلحفاة وهو يتكبد الخسائر البشرية والعسكرية خاضعاً للنمط الذي فرضته عليه حماس. فكيف يستطيع جيش مهما كان قوياً من محاربة أفراد لا يابهون الموت وهم يحاربون العدو من المسافة "صفر" بحيث يوقعون الخسائر الكبيرة به.
من هنا يتحدث العدو عن حاجته لكثير من الوقت وربما امتدت العملية لأشهر وسنوات، فهل يملك العدو ترف الوقت أم أن اللعبة ستنتهي قريباً "game over ".؟
لقد حدث تغيير جذري في المزاج العالمي لا سيما مزاج الشارع الذي كان في البداية تحت تأثير وسائل الإعلام الموالية للعدو، ويكفي لنا أن نتابع ما كانت تنشره ال " CNN " منذ شهر وما تنشره اليوم كذلك الأمر بالنسبة لقنوات التلفزة الفرنسية و " LCI " مثالاً. صحيح أن تحركات الشارع في أوروبا وأميركا لم تؤثر بعد على الحكومات ولكن الوقت إذا ما طال كفيل بقلب المعادلة.
وإذا استمر العدو باعتماد بنك الأطفال بدلاً من بنك الأهداف لطائراته، فإن اموراً كثيرة ستتغير وأن العالم سيستفيق في النهاية على هول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ويهب لنصرة الشعب الفلسطيني.
كاتب سياسي*
كلمات دلالية: العدو بحيث الفلسطينيين الحرب الإسرائيلية غزة يتم الغربية |