في هذا التهويل ما يتجاوز الخلافات السياسية، والمطامح. ففي وقت تتحللُ الدولة بوظائفها وأداء إداراتها، وتتعمق الأزمة المالية، لا يمكن أن يأتي الحل على مثال كلِّ الإنتهاكات المتكررة للدستور. وحجةُ المصرّين على البدع بالترويج لمنطق المعايير المزدوجة ساقطة أصلاً، فما يُرفَض مبدئياً، لا يمكن تبريره مصلحياً. أما "تكبير الحجر" حول خطورة "الفراغ"، و"صلاحيات الموارنة"، فمردودٌ في مهده. ذلك أن الفراغ يصنعه من يتجاوز قوانين المؤسسة العسكرية، أما موقع الموارنة فُيحفظ بتكوين السلطة عبر انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل أن الأساس في موقع الطائفة المؤسسة للكيان اللبناني، هو في التزام دورها المحوري الطليعي بنهضة مجتمعها، وليس في حزازيات الرئاسة الضيقة، أو ضرب الدستور، هذا عدا السكوت عن موبقات كثيرة، كما في حالة المتسببين بالأزمة المالية – الإقتصادية والمنظومة المصرفية بقيادة رياض سلامة.
في هذا الوقت، تبقى الأنظار على الجنوب الملتهب، وانتهاك إسرائيل قواعد الإشتباك. ذلك أن المسافة الزمنية الفاصلة بين زيارة آموس هوكشتاين، وخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السبت، ستكون حافلة بالرسائل الميدانية. وكل ما تبغيه واشنطن راهناً، منح إسرائيل فرصة لالتقاط الأنفاس، وفي المقابل حجبها لا عن "حماس" فحسب، بل عن كل شعب غزة المحاصر بالنار والتدمير والتهجير، كما يصر وزير خارجيتها أنطوني بلينكن.
وتزامناً في المواقف الدولية، عبر وزراء خارجية دول مجموعة السبع في ختام اجتماعهم في طوكيو عن دعمهم "هدنات وممرات إنسانية"، من دون الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وفي ختام الإجتماع اعلن بلنيكن أن الولايات المتحدة "ترفض التهجير القسري للفلسطينيين"، وتدعم "حل الدولتين وعيش الفلسطينيين والإسرائيليين جنبا إلى جنب وبفرص متساوية". وأشار إلى أن "إسرائيل لن تستطيع إدارة غزة والقادة الإسرائيليون أبلغونا بأن لا نية لديهم لفعل ذلك"، بحسب قوله.
ميدانياً، واصل حزب الله الرد على إسرائيل بقصف مواقع بليدا والجرداح ومستوطنتي يفتاح ودوفيف وقاعدة "شوميرا"، وقصفت إسرائيل مرتفعات كفرشوبا وحلتا وحولا بالقذائف الفوسفورية، في الوقت الذي واصلت فيه "كتائب القسام" استهداف الدبابات الإسرائيلية المتوغلة بقذائف "الياسين 105" التي باتت عنواناً للمقاومة الفلسطينية.