الحرب المتدحرجة، ولا سيما على الحدود الجنوبية، ستكون مصير جولات الإشتباك القائمة، في حال أصرَّت الولايات المتحدة على الإنزلاق إلى الحرب، أو في حال لم تردع إسرائيل وأركانَ جيشها عن أيِّ حسابات جنونية فيما يتعلّق بلبنان. هذه الخلاصة التي باتت مثارَ اقتناعٍ لدى العديد من المراقبين، تعززها الكثير من الإشارات والعلامات.

فواشنطن تصبُ كل ثقلها لا لحماية إسرائيل فحسب، بل لتعلن لكل القوى الدولية المناهضة لها، أن حلفاءها خطٌ أحمر. وتتعمد في كل يوم، زيادة مظاهر الإستعراض العسكري ولا سيما البحري في شرق المتوسط. وفي المقابل، أدرك المحور المواجه لأميركا وإسرائيل بقيادة إيران، أن اتساع قوس المعركة إلى كامل الشرق الأوسط، لا بُد أن يُواجَه برسائل الردع، ومنها ما أظهره حزب الله بالأمس من صواريخَ مضادة للسفن، لتأكيد إعلان السيد حسن نصرالله الإستعداد لاستهداف البوارج، في حال أقدمت على الإعتداء عليه.

وعلى المستوى الميداني، تزدادُ جبهةُ جنوبِ لبنان سخونة. ففي موازاة دخول أسلحة جديدة إلى ميدان "حرب الإستنزاف"، يستسع نطاق الإستهداف الإسرائيلي، على مستوى الإجرام ضد المدنيين، وأيضاً على النطاق الجغرافي بعدما طاول القصف المدفعي نطاق الخردلي والقليعة ودير ميماس، كما تعرضت مرتفعات عرمتى وجبل الريحان بالأمس للغارات. ومن المتوقع أن تزداد أيام الجنوب ولياليه التهاباً، مع اقتراب الكلمة الثانية للسيد نصرالله السبت.

وفي غزة، تزداد إرادة كتائب القسام و"سرايا القدس" على المقاومة كلما أمعنت الدبابات في التوغل. واليوم دارت اشتباكات عنيفة على مشارف مخيم الشاطئ شمال غربي مدينة غزة، كما أكدت "القسّام" تدمير 9 دبابات وناقلة جند وجرافة إسرائيلية على مشارف مخيم الشاطئ بقذائف "الياسين 105". أما أركان حكومة الحرب في إسرائيل فكانوا يواصلون الوعيد بملاحقة قادة "حماس" وبإعلان نهاية دورها في قطاع غزة منذ الآن. وإقليمياً، واصلت الفصائل العراقية ضرب القواعد الأميركية في سوريا، بمعدل استهداف ثلاث قواعد حتى مساء اليوم الثلثاء، في الوقت الذي أعلن فيه البيت الأبيض أنه سيتم الرد على هذا الإستهداف المستمر "في المكان والتوقيت المناسبين".

في هذا الوقت، وعلى المستوى الدبلوماسي، نفذ المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين "إنزالاً" مفاجئاً في لبنان بالتوازي مع ارتفاع لهجة التحدي بين واشنطن وحزب الله. وقد جال على رئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال وكذلك على قائد الجيش، واللواء عباس ابراهيم الذي سبقَ وتحدّث عن استعداده لوساطة في ملف الأسرى.

أما داخلياً، وفي وقت رفض تكتل "لبنان القوي" الخطاب الإسرائيلي المتزايد بإعتبار لبنان جزءاً من أرض إسرائيل واعتبر ذلك تزويراً للحقائق وللتاريخ ويدل على نيّة إسرائيل التوسعية، فنّد المزاعم والتهويل من قبل الراكضين وراء التمديد لقائد الحيش. فأكد أن "التهويل المبرمج حول انقسام الجيش او وقف المساعدات له في حال عدم التمديد كلّها ذات خلفية سياسية محضة لا علاقة لها بمصلحة المؤسسة العسكريّة التي تتأمّن بإبعادها عن السياسة. وجدد "التكتل" تمسكه برفض التمديد في أي موقع من مواقع السلطة والإدارة ورفض التشريع خلافاً لمبدأ الشمولية معتبراً أن حلولاً قانونية عدّة متوفرة لتفادي وقوع الفراغ في قيادة الجيش.