رسم خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله خطوطا حمراء في زمن يتفلت فيه العدو الاسرائيلي من كل الضوابط فيعيث فسادا في أجواء غزة ويرتكب المجازر التي حصدت حتى الآن أكثر من عشرة آلاف شهيد ونحو ٢٥ الف جريح.
الخطاب جاء واقعيا ومنسجما مع تطلعات جمهور المقاومة وحلفائها ووضع النقاط على الحروف تجاه المعارضين المشككين أو أولئك الذين يسعون نحو شعبوية لا مكان لها اليوم من خلال تصريحات ومقابلات لا تثمن ولا تغني من حماية أو درء مخاطر، أو يعملون على تقديم خدمات مجانية للعدو بتوتير الداخل اللبناني بمواقف استفزازية.
يدرك السيد نصرالله حجم الأزمات التي يتخبط بها لبنان والحساسيات والمخاوف التي تتحكم بأهله، لذلك هو لم يعلن الحرب التي كان بمقدوره إعلانها وخوضها، لكنه وجه رسائل واضحة ومباشرة للاسرائيلي ولداعمه الأميركي، بأن الرد الذي تقوم به المقاومة هو الحد الأدنى من قدراتها، لافتا الى التطور الذي ظهر عشية خطابه باستهداف كل المواقع الاسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية من البحر الى تلال كفرشوبا دفعة واحدة وإلحاق خسائر مباشرة فيها، ما يؤكد ان أي حماقة قد تقوم بها إسرائيل تجاه لبنان سيكون رد المقاومة عليها قاسيا وموجعا ومفتوحا، وفي حال استمرت المواجهات ضمن قواعد الاشتباك فإن إستهداف اسرائيل للمدنيين في القرى والبلدات الجنوبية سيواجه باستهداف مدنيين في العمق الاسرائيلي والمقاومة قادرة على ذلك وإسرائيل تعلم.
ومن الخطوط الحمراء التي رسمها السيد نصرالله هي حماية المقاومة الفلسطينية التي في حال طلبت المساعدة سيثار الى تلبيتها، لافتا الى المشاركة اليمنية والعراقية في الحرب والتي تعطي مزيدا من القوة والدفع للمقاومة وتمنحها القدرة على الصمود خصوصا في ظل إشغال نحو نصف جيش العدو بحرا وبرا وجوا على الحدود اللبنانية ما يخفف الكثير عن المقاومة في غزة.
واللافت في الخطاب هو قيام السيد نصرالله بتهديد الأميركي بشكل واضح وصريح إنطلاقا من الاحتضان الأميركي الكامل لاسرائيل وصولا الى إدارتها للحرب على غزة، مؤكدا ان كل الحشود الأميركية لا ترهبنا وقادرون على التعامل معها عندما تدعو الحاجة.
لا شك في أن السيد نصرالله عمل في خطابه على جبهتين، الجبهة العسكرية المفتوحة في الجنوب والتي تحقق فيها المقاومة ضربات موجعة وتصد من خلالها العدوان الاسرائيلي الهمجي الباحث عن إنجاز مفقود غير مؤهل لتحقيقه، والثاني جبهة حماية لبنان وتجنيبه أي عدوان اسرائيلي واسع بتثبيت قوة ردع المقاومة وتوازن الرعب الذي يدفع الاسرائيلي الى أن يحسب ألف حساب قبل الاقدام على أي حماقة.
في خطاب الفصل وضع السيد نصرالله الضوابط ورفع من المعنويات وأعطى كعادته جرعة تفاؤل معطوفة على وعد صادق بأن إسرائيل أوهم من بيت العنكبوت وان النصر قادم لا محالة.