خلال ما يقرب من أربعة عقود منذ أن قدم المخرج جيمس كاميرون رؤية قاتمة للمستقبل التكنولوجي مع فيلم «The Terminator»، تزايدت المخاوف المحيطة بصعود الذكاء الاصطناعي، لكنكم لن تفكروا بهذه الطريقة مع «The Creator»، وهو ملحمة خيال علمي مذهلة وعاطفية من غاريث إدواردز مخرج «Godzilla» وفيلم «Rogue One» المشتق عن «Star Wars».
كما في أفلام كاميرون، تبدأ الحرب بين الإنسان والآلات بإطلاق قنبلة نووية تحول لوس أنجيليس إلى حفرة مشتعلة، لكن التعاطف تجاه المسألة تحول بشكل مثير للفضول، فهذا فيلم يقول بشكل أساسي «إن الروبوتات أشخاص أيضا، اصنعوا السلام، وليس الحرب، باستخدام الخوارزميات»، وهنا نتساءل «هل كتب Skynet هذا الفيلم؟»، و«Skynet» هو العقل الإلكتروني وراء تصنيع نسخ متعددة من «Terminator» إن كنتم تذكرون.
في الواقع، ينسب السيناريو إلى المخرج غاريث إدواردز وزميله كريس ويتز مؤلف فيلم «Rogue One»، إنه إلى حد بعيد الجانب الأضعف في هذا الخليط من أفكار الخيال العلمي المكررة، والذي يصادف أنه من بين أكثر الأفلام المذهلة من الناحية البصرية في السنوات القليلة الماضية، فبغض النظر عن السيناريو فقد تم تصميم «The Creator» بشكل جميل من البداية الى النهاية.
تضعنا مقدمة الفيلم في ستينيات القرن الحادي والعشرين، عندما تضرب أجهزة الكمبيوتر مدينة لوس أنجيليس بصاروخ نووي دون سابق إنذار أو استفزاز واضح، فتعلن الحكومة الأميركية الحرب على كل أنواع الذكاء الاصطناعي ردا على ذلك، وترسل عميل القوات الخاصة جوشوا (جون ديفيد واشنطن) إلى «آسيا الجديدة» في مهمة سرية لاختراق مجموعة من المتعاطفين مع الروبوتات والكشف عن زعيمهم وهو عالم كبير يدعى «The Creator»، وللعثور عليه يغوي جوشوا ابنته مايا (جيما تشان) ويتزوجها، لكن سرعان ما يشكل مشاعر حقيقية تجاهها، لذلك عندما يتم تفجير «مايا» عن طريق الخطأ في هجوم تسلل من قبل رؤسائه، يتخلى «جوشوا» عن القتال، لكنه ينجر مرة أخرى إلى الأمر بعد سنوات، وذلك عندما تقنعه القائدة العسكرية القوية هاول (أليسون جاني) بمرافقة فريق من العملاء في الشرق، وتلمح له بأن «مايا» ربما لا تزال على قيد الحياة بالفعل، حيث تكون المهمة هي العثور على جهاز سري لتدمير العالم تم تطويره بواسطة «The Creator»، وهو سلاح قوي سرعان ما تم الكشف أنه على شكل طفلة اصطناعية تدعى مادلين (يونا فويلز)، وهي مثل الشخصيات الميكانيكية الأخرى التي تظهر على الشاشة، لديها فتحة مباشرة في رأسها، ويمكننا بالأحرى أن نرى العجلات تدور حرفيا في رأسها.
يملأ المخرج إدواردز الفيلم بصور تهدف إلى استحضار حرب فيتنام، بما في ذلك غارة مبكرة عبر العشب الطويل التي تضع «هاول» وقواتها على الفور بصورة الغزاة غير الأخلاقيين، وبمجرد أن يختفي «جوشوا» بالسلاح، الذي يلقبه بـ «ألفي»، يبدأ «The Creator» في تذكر شخصيات من الرجال الأقوياء الذين رق قلبهم بسبب براءة طفل يرافقهم.
عند مشاهدة «The Creator» يبدو من الواضح أن إدواردز كان صاحب رؤية ثاقبة لرحلة «Rogue One» القاتمة غير الاعتيادية إلى المجرة البعيدة جدا، فلقد رسم صورة خيال علمي أخرى للقتال والتضحية عبر عالم عملاق، حيث يتضاءل البشر أمام قوى التدمير العملاقة، يتضمن ذلك سلاحا متجولا من طائرات بدون طيار محمول جوا يلقي أعمدة من الضوء عبر المناظر الطبيعية.
قام إدواردز، الذي عمل كفنان مؤثرات خاصة سابقا، بتصوير «The Creator» فيما يقرب من 100 موقع حول العالم، ثم قام بتعزيز اللقطات باستخدام الصور الرقمية (CGI) والتي تجعل الآفاق والمناظر الناتجة عن ذلك رائعة، وهناك كثافة مذهلة من تصميمات الخيال العلمي هنا، فبالكاد يمر مشهد دون تصوير مذهل للعالم، بداية من جولة في مصنع للروبوتات، إلى زيارة للحفرة التي أحدثها الانفجار، حيث كانت لوس أنجيليس تقع ذات يوم، ووصولا إلى مشهد معركة تندفع فيه آلات تفجير انتحارية من خلال الضباب وعبر جسر للانفجار.
في نهاية المطاف يقدم لنا إدواردز فيلم خيال علمي جميل يتعامل مع استقلالية الذكاء الاصطناعي وحقه في الوجود كأمر مسلم به، ويمكن تلخيص هذه الفلسفة في الكلمات الشهيرة «هل يمكننا جميعا أن نتفق؟» وهذا يجعل «The Creator» يبدو بأنه غير مواكب للعصر الحالي الذي يشوبه القلق بشأن الذكاء الاصطناعي ومدى تقبل مؤسساتنا له بسرعة.