الصورة أكثر وضوحاً مع اتساع الجبهة وتعمق الحرب، في ظل حبس أنفاس مع اندلاع المعركة الجدية، والأصعب. ذلك أن مأزق بنيامين نتنياهو بين عدم القدرة على التراجع، والخسارة في حال التقدم، يجعله يخبط خبطَ عشواء في معالجة أزمته السياسية، قبل العسكرية. التشوش لا يزال يلف الوسط العسكري الإسرائيلي على الرغم من التهديدات بالحسم. وميدانياً، عكس اعتراف الجيش الإسرائيلي بخسارة 11 من مقاتليه أمس الثلثاء في كمين لحماس، الهاوية التي تنتظر إسرائيل كلما توغلت في شبكة دهاليز قطاع غزة وأنفاقه. ذلك أنه في اليوم الثاني لانطلاق الحرب البرية رسمياً، أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن المزيد من الخسائر في صفوف العدو، عبر الكمائن وضربه من الخلف. أما استهداف المدن الإسرائيلية بالصواريخ والهاون فبقي على حاله من المشاغلة، التي كانت في جنوب لبنان على وتيرتها اليومية.
أما الأخطر، فهو شبكة العنكبوت التي دخل إليها اليمن بقوة على خط صواريخه ومسيراته، والتي من شأنها خلط الأوراق على جبهة البحر الأحمر، لا بل في الشرق الأوسط الذي تعج بحاره المحيطة بأكبر حشد للسفن العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية.
وفيما ازداد الضغط الإنساني على معبر رفح، خرج اسماعيل هنية ليجدد الإصرار على المقاومة، لكن في موازاة إشارته إلى نافذة الهدنة عبر قوله إنَّ الحركة سبق ودعت إلى وقف للعدوان وفتح المعابر للبدء بمسار معالجة ملف الأسرى. ولم ينسَ هنية توجيه التحية إلى المقاومة في لبنان، في إشارة بالغة الدلالة بعد كل الإنتقادات التي صدرت عن قيادات عدة في الحركة للحزب، غمزاً وصراحة. وعلى الخط الإقليمي والدولي، كان وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان وبعد لقائه وزير الخارجية التركية حقان فيدان يشير إلى تخوف إسرائيل من "سماع اسم الحزب"، ناصحاً القيادات الإسرائيلية ب"ألا يجربوا المجرب"!ّ. وقد خلص اللقاء الإيراني التركي إلى طرح الدولتين اقتراح عقد مؤتمر إقليمي لمواجهة المخاطر.
وفي الموقف الأوروبي، جدد جوزيب بوريل الطلب من "إسرائيل موازنة حق الدفاع عن النفس مع حماية المدنيين"!
ولبنانياً، وفيما كانت حكومة تصريف الأعمال تجتمع برئاسة نجيب ميقاتي وتبحث بعض الخطوات في حال الطوارئ، كان التيار الوطني الحر يستكمل خطواته المواكبة للحرب على كل الصعد. ففي الموقف، أكد بعد اجتماع هيئته السياسية التمسك بتحييد لبنان، لكن في موازاة حق الدفاع عنه إذا فرضت إسرائيل الحرب عليه. وفي الشق السياسي الداخلي، جدد "التيار" رفض آلية التمديد لقائد الجيش منتقداً من يخرجون عن مبادئهم لطرح هكذا مشاريع.
وفي الخطوات الميدانية، جال نائب رئيس التيار الوطني الحر لشؤون العمل الوطني ربيع عواد على عاصمة الجنوب صيدا، حيث التقى فعالياتها من النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، إلى الجماعة الإسلامية والنائب هاني قبيسي عن "أمل"، عاكساً موقف "التيار" الوطني بضرورة التلاقي على المسحات المشتركة إزاء العدوانية الإسرائيلية.