مع بدء "حرب تشرين الفلسطينية" أسبوعها الرابع، اتجه مسارها نحو منعطفات جديدة. ذلك أن التوغل البري، يتم على طريقة جس النبض التدريجية، لكن المستمرة بوتيرة يومية. وفي وقت تسعى إسرائيل إلى كشف قدرات "حماس" والفصائل المقاومِة الأخرى، فإنَّ هدفها لن يتحقق بسهولة، على الرغم من المقاومَة العنيفة والمدروسة التي تستهدف الدبابات وفصائل المشاة الإسرائيلية. وفيما توغلت دبابات إسرائيلية اليوم في محور وسط القطاع، ردت "حماس" و"سرايا القدس" بالمواجهة المباشرة وقصف المستوطنات والمدن الإسرائيلية. وقد أكَّدت "حماس" التصدي للقوات الإسرائيلية على كل المحاور، مشددةً على أن إسرائيل لم تستطع تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي منذ بدء الحرب.
إلى ذلك استخدمت "حماس" السلاح النفسي في مواجهة بنيامين نتنياهو، مع نشرها فيديو لأسيرات إسرائيليات وجهّن انتقاداً عنيفاً لرئيس حكومة الإحتلال وتضمن توبيخاً له بسبب عدم قدرته على إطلاق سراح الأسرى الذين يعانون من "فشله السياسي والأمني والعسكري".
في هذا الوقت، تحول تدرج حزب الله بالظهور الإعلامي للسيد حسن نصر الله الذي يُتوَّج الجمعة بكلمةٍ علنية له، إلى منعطف تُقرأ الحرب استناداً إلى ما بعده. ذلك أنَّ كسر الصمت الذي بات كابوساً للقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، يعني وصول الحرب إلى مرحلة فاصلة، وعلى أساس خطاب نصر الله تتحدد معالمها المقبلة، خاصة على جبهة جنوب لبنان.
وبالتزامن، شهدت الحدود اللبنانية – الفلسطينية اليوم تكريساً لهذه السخونة، مع ضرب حزب الله عدداً من المستوطنات الإسرائيلية، مع استمرار فقأ "العيون" العسكرية الإسرائيلية في المواقع ومنها البياض والمطلة ورأس الناقورة وجل العلام وثكنة برانيت. كما واصلت إسرائيل قصف كفركلا ويارون ودير ميماس وعيتا الشعب بقذائف الدبابات والمدفعية، إضافةً إلى غارات الطيران.
وعلى المستوى الداخلي، بقي تجنُّب الحرب الإسرائيلية الهاجسَ الأساس. وفي هذا الإطار جدَّد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تصويب البوصلة في اتجاه مسؤولية إسرائيل وضرورة تمتُّع لبنان بالقوة الكافية لردعها، في موازاة الحرص على حماية البلد، مشدِّداً على مواجهة الحرب في حال فُرضت على لبنان.
ولفت باسيل في حديث تلفزيوني إلى أهمية استعمال نتائج الحرب لتحسين موقع لبنان التفاوضي في ملف الغاز، مشيراً في السياق السياسي الداخلي إلى أنه لا تغيير في الموقف من حكومة ميقاتي، ومؤكداً أن الحل للشغور في قيادة الجيش هو تسلم الضابط الأعلى رتبةً، كما يحصل في الأجهزة الأمنية الباقية.
أما على المستوى الحكومي، فأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنَّ قرار الحرب في يد إسرائيل لا في يد لبنان، في حين وجه وزير الصحة فراس مذكرة للمستشفيات حدد فيها الاجراءات الواجب اتخاذها في حالة الطوارئ. وفي السياق السياسي نفسه وجه الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط رسالتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومفوض الإتحاد الأوروبي جوسيب بوريل مثمناً فيهما مواقفهما، مشدداً على أنّ إسرائيل هي السبب الأساس للصراع.