تنصب جهود رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على تحقيق إنجاز في عدوانه على غزة يمكنه من فرض شروطه في المفاوضات المفترض أن تبدأ عاجلا أم آجلا مع تبدل الرأي العام العالمي حول جدوى إستمرار القصف الهمجي التدميري وقتل الاطفال والنساء والشيوخ بما يخالف كل القوانين والمواثيق الدولية ويناقض شرعة حقوق الإنسان.
حتى الآن لم تنضج ظروف الحل السياسي، وما يجري العمل عليه دبلوماسيا هو الوصول الى صيغة تسمح بهدنة إنسانية في غزة يتم خلالها إدخال المساعدات لا سيما الطبية والوقود لتأمين إستمرارية عمل القطاع الصحي الذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بات واضحا أن نتنياهو لا يمتلك سوى القصف عن بُعد وإرتكاب المزيد من المجازر ما يضاعف من مأزقه وإنقلاب الرأي العالمي ضده، في حين ما يزال عاجزًا عن التحكم بالميدان، وتائها بين الغزو البري والعمليات العسكرية والمواجهات المباشرة التي كلفت جيش العدو منذ ليل الجمعة خسائر فادحة في الجنود والآليات.
ويأتي هذا الفشل إنطلاقا من وضع نتنياهو بنك أهداف أكبر من قدراته، فلا هو يستطيع القضاء على حماس ولن يستطيع في الوقت نفسه تحرير الأسرى بمنطق الحديد والنار، وهو حتى الآن لا يعلم شيئا عن أنفاق حماس، ويجهل أماكن تواجد الأسرى، وبالتالي فإن كل محاولات التوغل في عمق غزة باءت بالفشل، في حين تبدو المقاومة الفلسطينية أكثر قوة وأشد بأسا، فبالرغم من القصف والتدمير ما تزال صواريخ القسام المختلفة الأحجام والأنواع تقصف تل أبيب ومدن إسرائيلية في العمق الفلسطيني وتوقع العديد من الخسائر التي يتكتم عليها العدو ولا يسمح للإعلام بنقلها، لذلك فإن كل الاعمال العسكرية الاسرائيلية البرية تسير نحو المجهول، بينما الرعب يخيم على كل المدن الاسرائيلية، فالمستوطنات في غلاف غزة باتت مهجورة بالكامل ويحتاج أهلها سنوات لاستعادة الثقة بالمؤسستين الأمنية والعسكرية، وكذلك البلدات الواقعة قبالة الجنوب اللبناني التي غادرها نحو ١٢٠ الف مستوطنا بفعل رد المقاومة الدقيق والموجع على العدوان الاسرائيلي على البلدات اللبنانية الحدودية.
ولا شك في أن هجمات المقاومة وقيامها بتدمير البنية التجسسية للعدو وقتل وجرح عدد كبير من جنوده وتدمير بعض آلياته العسكرية، دفع بحكومة نتنياهو الى نشر اربعين الف جندي اسرائيلي على الحدود، تحسبا لأي طارئ.. علما ان توسع الجبهة الجنوبية وربما إنضمام سائر الجبهات إليها في محور المقاومة كله مرهون بالوضع الميداني في غزة والذي ما يزال في أعلى درجات الصمود والمبادرة.
تشير المعطيات الى ان أميركا باتت على قناعة بأن الحلول العسكرية الاسرائيلية غير قابلة للتطبيق، لكنها تنتظر الفشل الكامل لنتنياهو لأخذه مرغما الى المفاوضات. وبحسب كل المحللين فإن فشل نتنياهو في الحرب كما هو متوقع سيحوله الى جثة سياسية، وسيوقعه في مستنقع الاتهامات والمحاكمات بتهم مختلفة، خصوصا أن أكثر من ثلثيّ الاسرائيليين اليوم يطالبونه بالرحيل ويتهمونه بالفشل في حماية إسرائيل.