دخلت الحرب على غزة اسبوعها الرابع وسط تخاذل العرب وتواطؤ الغرب. فالقطاع الذي شهد مساء الجمعة اعنف ليلة من القصف منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في السابع من الشهر الجاري، بات على شفير توقف شامل للمنظومة الصحية، الامر الذي سيؤدي الى كارثة حقيقية اذا ما حصل.
الى ذلك، اعلنت وزارة الصحة الفلسطينية امس، عن استشهاد ٨٠٠٥ أشخاص واصابة ١٩٧٤٣ آخرين منذ السابع من تشرين الأول. لافتة الى انه من بين الشهداء هناك ٣٣٢٤ طفلاً، ٢٠٦٢ امرأة و٤٦٠ من كبار السن، ومن بين الجرحى ٦٨٠١ طفل و٥١٤٧ امرأة. واشارت الى ان الانتهاكات الإسرائيلية ضد المنظومة الصحية أدت إلى استشهاد ١٦٠ كادراً صحياً وتدمير ٢٥ سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة. كما تعمد استهداف ٥٧ مؤسسة صحية وإخراج ١٢ مستشفى و٣٢ مركز رعاية أولية عن الخدمة جراء القصف أو عدم إدخال الوقود.
واكدت الوزارة ان خطراً كبيراً يتهدد حياة ١٠٠٠ مصاب بالفشل الكلوي، ٩٠٠٠ مريضا بالسرطان، و١٣٠ رضيعاً حديثي الولادة في الحاضنات وذلك بسبب ندرة الادوية والوقود.
وبحسب احصاءات الوزارة، فإن ١٤٠٠٠٠٠ فلسطيني نزحوا من منازلهم جراء العدوان الاسرائيلي، ٦٤١٠٠٠ منهم احتموا بمدارس الاونروا. فيما وصل عدد المفقودين المبلغ عنهم الى ١٨٠٠ بينهم ٩٤٠ طفلاً. وقد تضرر جراء القصف ٢١١٥٠٠ منزلاً، ٢٨٥٠٠ منها بشكل كلي و١٨٣٠٠٠ بشكل جزئي.
“شهيد بفارق التوقيت” بهذه العبارات يعرّف مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، الدكتور احمد الكحلوت عن نفسه. ويقول ل””: “الوضع كارثي في المستشفيات يوجد نقص في كل شيء من الكوادر الطبية الى الادوية والوقود. فأخطر ما يواجهنا الآن هو نقص الوقود لان المستشفيات تعمل على المولدات الداخلية والمخزون يكفي فقط لثلاثة أيام (مستشفى كمال عدوان مثلاً) ونحاول ان نوفر الكمية الموجودة لدينا عن طريق إطفاء المولدات في ساعات النهار. ولكن هذا الامر يمكن إطالة امد المخزون الى خمسة أيام كحد اقصى، وهذا هو العبء الأساسي فالطاقة هي التي تشغل محطات الاوكسيجين وتضخ المياه النظيفة للاقسام وبالتالي من دونها لا يمكن تقديم الخدمات الصحية”.
ويتابع “اما بالنسبة للنقص في الادوية والمستلزمات الطبية فقد دخلنا في هذه الجولة من التصعيد والحرب علينا ونحن نعاني من نسبة عجز بلغت ٤٠% من المستلزمات الطبية الأساسية فما بالك بعد هذه الهجمة والحالات التي تعرضنا لها فقد وصلت نسبة العجز الى ٨٠%. والى جانب العجز في المستلزمات، العجز ايضاً هو في الكوادر الطبية فنحن الان نعمل بثلث الطاقة من الكوادر الطبية بسبب صعوبة وصول الكوادر الطبية الى المستشفى لانعدام المواصلات وتدمير الطرقات، وايضاً بسبب تعرضهم اما للاستهداف المباشر او قصف منازلهم او استشهاد ذويهم”.
ويكشف الدكتور كحلوت عن “الضغط النفسي الذي يتعرضون له من جيش الاحتلال والتهديد بقصف المستشفى وضرورة اخلائه”.
ويضيف: “قصف عنيف تعرض له قطاع غزة خاصة المنطقة الشمالية، وقد ضربت العديد من المنازل التي تحيط بالمستشفى وشظايا هذا القصف سقطت على مبنى المستشفى وهناك غمامة سوداء سببها الاتربة وغبار البارود الذي لا يفارق سماء المستشفى وسماء شمال غزة”.
توازياً، يجزم الدكتور كحلوت أن “ليس لدينا أي بدائل سوى الصمود في خدمة المرضى والاستمرار في تقديم الخدمات الطبية حتى آخر حبة دواء، وآخر قطرة ماء، وآخر قطرة وقود للمولد، بل حتى آخر نفس في حياتنا”.
ومن الطبيب رسالة باسم الاطقم الطبية “للعالم المنحاز الذي يدعي الإنسانية الذي يبكي على حيوان جُرح هذا العالم الكاذب والمنافق، الذي يرى الأطفال والنساء والشعب بأكمله يذبح ولا يحرك ساكناً. وللمؤسسات الدولية التي تدعي الحفاظ على القانون الإنساني والقانون الدولي واتفاقيات جنيف”، يقول “دولة الاحتلال لا تقيم وزناً لهذه القوانين، وهي تخرقها الآن امام اعين العالم وكل تقارير المؤسسات الدولية تؤكد هذا الامر. فماذا انتم فاعلون؟ اليوم بعد ٢٣ يوماً من الحرب الشعواء واشتداد الحصار على قطاع غزة لم يستطع أي حرّ من احرار العالم ولا دولة عربية ولا دولة إسلامية ان تدخل العلاج والدواء والوقود لقطاع غزة المحاصر فماذا ننتظر؟”.
هي حرب إبادة يريدها العدو الإسرائيلي ليحقق حلمه بالحصول على ارض لم ولن تكون له. اظهر فيها اهل غزة قوة في القتال والصمود بوجه المحتل الغاصب. غير انّ صوتاً لا بد ان يعلو لإنقاذ حياة هؤلاء الناس خاصة وان الأوبئة بدأت تنتشر والأدوية تنفذ. فهل من يسمع نداء الاستغاثة هذا ام سيبقى اهل غزة متروكين لهمجية الاحتلال؟