رغم أنّ موسم الزيتون لم يكن على قدر طموحات المزارعين هذه السنة، وتراجع الإنتاج إلى ما دون مستوى العام الماضي الذي كان سخيّا إلى حدّ كبير، لكن الأمر لم يتوّقف على حجم الإنتاج بل هناك تهديدات بخسارة الموسم نهائيّاً، لا سيما في منطقة الشريط الحدودي الجنوبي بعد تفجّر الأوضاع الأمنية هناك، مما يزيد من حدّة الأزمة على المُزارعين.
يؤكّد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، خلال حديثٍ مع صحيفة «نداء الوطن»، بأنّه «على صعيد كل لبنان لم يكن موسم الزيتون على المستوى المطلوب كمواسم الأعوام السابقة». ويعدّد الحاج حسن الأسباب التي أدّت إلى تدني إنتاج الموسم، وأبرزها: المتغيرات المناخية، كمية المتساقطات، وموجات الحر المتلاحقة التي شهدتها البلاد».
خسارة أشجار مثمرة
ويلفت الحاج حسن إلى أنّه «حتى المناطق الجنوبية شأنها شأن المناطق اللبنانية الأخرى المنتجة لزيت الزيتون، ولكن الإعتداءات الإسرائيلية والحرائق التي تسبّب بها القصف الإسرائيلي زادت من حدّة الأزمة، حيث خسرنا عدداً كبيراً من الأشجار المثمرة وبالتحديد أشجار الزيتون، مما إنعكس بشكل مباشر وكبير على إنتاج زيت الزيتون في تلك المناطق».
وعن دور الوزارة لمنع إحتكار المادة والتلاعب بأسعارها؟ يشير إلى أنّ «الوزارة تقوم بواجباتها حيث بدأت بمراقبة السوق عن كثب، إستباقاً لوقوع المشكلة وحدوث أزمة، كما أن هناك لجنة مختصة بالوزارة تقوم بدراسة كافة الإحتمالات المتعلقة بإمكانية إرتفاع سعر تنكة زيت الزيتون، أو أي عملية إحتكار».
لتضافر جميع الوزارات المختصة
ويشير الوزير الحاج حسن، إلى أن «هناك وزارات أخرى مختصة وهي أيضاً شريكة بالمسؤولية، عليها أن تلعب دورها وأن لا تتقاعس لا سيّما في ظل هذه الأزمات الكبيرة التي تهدّد الأمن الغذائي». مشدّدًا على «ضرورة أن تقوم كافة الوزارات بدورها الكامل وعدم التلكؤ، وأن يكون هذا الأمر قولاً وفعلاً «.
أسباب تدهو الإنتاج
من جهتها تشرح رئيسة مصلحة زراعة الجنوب المهندسة سوسن حمزة، سبب تراجع الإنتاج لهذا العام، وتقول لـ «نداء الوطن»: بعد مراجعة عدد من المزارعين في منطقة جزين وشرق صيدا تبيّن ما يلي: يعتبر موسم 2023- 2024 قليل الإنتاج مقارنة بالموسم الفائت حيث تظهر التقديرات عدم تخطيه ربع الكمية (15الف تنكة في منطقة جزين).
يعود تدهور الإنتاج إلى الأسباب التالية: إجهاد شجر الزيتون وعدم القدرة على الإنتاج لهذه السنة بعد الموسم القياسي من حيث الكميات في 2022- 2023.
عوامل الطقس، خاصة تقلبات درجة الحرارة خلال فصليْ الشتاء والربيع، مما أدّى إلى ضعف في أزهار شجر الزيتون خاصة في المناطق الساحلية. إضافة إلى الأحداث الأمنية الطارئة في المناطق الحدودية»، وفق ما تلفت حمزة.
وتؤكّد حمزة أنّه «ليس الأحداث الأمنية وحدها هي التي تسبّبت بتراجع الإنتاج في الجنوب بالتحديد، حيث وقبل وقوع الأحداث علمت الوزارة وبناءً على الإحصاءات التي قامت بها بعد عقد الثمار وقبل بدء القطاف، أي قبل حوالى الشهريْن ، بأن كمية الإنتاج ليست بالمستوى المطلوب، وكذلك أيضاً هذا ما أشارت إليه تقديرات عدد من المزارعين».
تنكة الزيت إلى 160 دولاراً
وعن سعر تنكة الزيت، توضح بأنه «بسبب قلة الإنتاج إرتفع سعر مبيع زيت الزيتون المنتج لهذه السنة حيث تراوحت أسعار المبيع بين 110 و 150$ للتنكة الواحدة ، أما سعر زيت الزيتون العائد للعام الفائت فقد حافظ على سعره ما بين 80 – 100 $ للتنكة الواحدة».
وتضيف، «أما بالنسبة لزيتون المائدة فقد تراوحت الأسعار هذا العام ما بين 3 -5 دولارات للكيلو، في حين كان العام الماضي ما بين دولار ودولارين ليس أكثر». وتستبعد «إحتكار مادة الزيت وبيعها بسعر مرتفع، وبأسوأ الإحتمالات قد تصل إلى 160 دولاراً وليس أكثر من ذلك»، وذلك لتواجد كميات كبيرة من العام الماضي».
نوعية هذا العام متدنية
لكن حمزة تلفت إلى نقطة هامّة، وهي أن «نوعيّة الزيت هذا العام متدنية عن الأعوام السابقة، وذلك لأنه في العام الماضي كانت نسبة الإصابة بذبابة الفاكهة (والتي تؤدي إلى إرتفاع نسبة الحموضة في الزيت وبالتالي تدني نوعيته) متدنية مما إنعكس على نوعية الإنتاج. وأما هذا العام، فإنّ الحمل خفيف مما أدى إلى زيادة الإصابة بذبابة الزيتون وأثر سلبًا على نوعية الإنتاج».
وفي ختام حديثها، تؤكّد حمزة أنّه «وبناءً على الدراسات الأولية فقد تبيّن التراجع الكبير الذي شهده موسم الزيتون هذا العام ولم يكن على غرار الأعوام السابقة، لكن حتى الآن ليس هناك من أرقام دقيقة حيث أن الوزارة لم تنهِ إحصاءاتها بعد، كذلك موسم إنتهاء القطاف ما زال يحتاج إلى ما يقارب الـ 20 يوماً لإنتهائه».
التراجع في الشمال ايضاً
ويتقاطع كلام حمزة مع أحد مهندسي الزراعة في محافظة النبطية، والذي يؤكّد بدوره لـ «نداء الوطن»، أنّ «موسم الزيتون هذا العام لم يكن جيداً، لأن الحمل خفيف وضعيف جداً»، ووفق تقديراته فإن «نسبة الإنتاج على صعيد محافظة النبطية بلغت حتى اليوم ما يقارب الـ 20% من نسبة الإنتاج على صعيد لبنان، وهذه النسبة هي أقل من ثلث نسبة العام الماضي كما أنه يمكننا أن نُنقص منها ما يُقارب الـ 5 إلى 7% ، فهناك عدد من المزارعين لديهم إشكالية في القطف على خلفية الأحداث الأمنية المستجدة في المنطقة». وحسب المعطيات المتوافرة لدى المهندس، فإنّه «حتى في محافظتي لبنان الشمالي وعكار نسبة الإنتاج قد تكون أفضل من المناطق الجنوبية، إلا أنها أقل بكثير عن العام الماضي».