يضغط رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على جيشه القابع على الحدود مع غزة بإنتظار قرار الاجتياح البري الذي ما يزال متأرجحا بين المواعيد وبين جدواه وما يمكن ان يحققه، وبين المخاوف من الفشل وإلحاق هزيمة ثانية بالعدو الصهيوني قد تكون أقسى بكثير من عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.
بدأ جيش الاحتلال يصاب بالاحباط، خصوصا انه يخشى الهجوم البري، وقيادته تعارض الحكومة حياله، وبالتالي فإن التأخير وعدم إتخاذ قرار حاسم يثقل على الجنود الصهاينة الذين بدأوا يتمردون على قرارات ضباطهم ويرفضون زجهم في هذه المحرقة التي ستُنصب لهم على طريق غزة.
لا يجد نتنياهو سوى الحرب لحماية نفسه، لذلك فهو لا يتوانى عن تكثيف إعتداءاته على غزة وأهلها مرتكبا المجازر بالمزيد من الضحايا المدنيين من النساء والاطفال والشيوخ، وهو يصعد على الجبهة الشمالية بهدف إستدراج المقاومة الاسلامية في لبنان الى الحرب، إلا أنها ما زالت تتعاطى مع تلك الاعتداءات بكثير من الحكمة والعقل البارد وترد عليها بقصف دقيق وموجع يوقع الاصابات المباشرة بالمراكز العسكرية والآليات والجنود الذين يتجاوز عددهم ١٥٠ جنديا وضابطا بين قتيل وجريح.
يدرك نتنياهو أن توقف الحرب الآن سيجعل مصيره القتل أو السجن مع مجموعة الجنرالات الذين يسيرون في ركبه، وهو أشار يوم أمس في تصريح له الى ان “المساءلة ستطاله حول ما حصل في غلاف غزة صبيحة يوم السابع من أكتوبر”، لكنه على يقين بأنه لن يستطيع أن يستمر في عدوانه خصوصا ان بعض المجتمع الدولي بدأ ينسى نتائج عملية طوفان الأقصى أمام هول المجازر التي يرتكبها بالمدنيين في غزة والذين باتت حمايتهم مطلبا دوليا لن يستطيع نتنياهو تجاوزه او ربما ما يزال لديه مساحة من الوقت للاستمرار في عدوانه من أجل تحقيق إنجاز يمكن ان يقود الى مفاوضات الافراج عن الأسرى.
من الواضح، أن هذا الانجاز ما يزال بعيدا عن نتنياهو، فالمقاومة الفلسطينية تُمسك بزمام المبادرة وتقصف العمق الاسرائيلي وتنفذ الهجمات وتتحرك بحرية، والاجتياح البري دونه مخاطر تخشاها أميركا قبل إسرائيل وهي التي تطلب التريث، إنطلاقا من قناعتها بأن من نفذ عملية طوفان الأقصى بهذه الحرفية لن يتهاون في إعداد العدة الكاملة للمواجهة البرية.
وفي المعلومات ان الجيش الاسرائيلي حاول القيام ببروفة، حيث توغل باتجاه غزة عشرين مترا فقط فخرج اليه المجاهدون ودمروا له دبابة وملالة وجرافة.
كما يشير بعض الخبراء الى أن الدمار الذي يحدثه القصف العشوائي والعنيف في شمال غزة من شأنه أن يسهل على المقاومة حركتها وان يعيق تحركات جيش العدو في حال اراد المجاهدون استخدام هذا الدمار في إقامة الحواجز الباطونية وبالتالي استخدام الأنفاق للإلتفاف عليه.
ولا شك في أن نتنياهو يتعرض لضغط داخلي يتمثل بالانهيار الاقتصادي وتراجع قيمة الشيكل مقابل الدولار والشلل المسيطر على كل المؤسسات وضرب القطاع السياحي والخسائر المالية المقدرة بعشرات مليارات الدولارات، إضافة الى المعارضة التي تدعو لاسقاطه، وتحركات أهالي الأسرى، ما يجعل نتنياهو في موقف لا يحسد عليه، وبالتالي فإن الحرب هي خلاصه الوحيد، لكن الى متى تستمر فترة السماح الأميركية؟ وماذا لو لم يحقق أي إنجاز كما هو متوقع؟، وهل تضحي أميركا به لمصلحة المفاوضات خصوصا أنها لا تريد الحرب وترفض ان يوقعها نتنياهو في مستنقع الشرق الأوسط؟..