في لبنان نهجان في العمل السياسي، تكرّسا بعد العام ٢٠٠٥ وعودة الحالة العونية بقوة إلى المعادلة: نهجٌ يستند إلى المبادرة والحركة وكسر الحواجز بين اللبنانيين والصور النمطية، والنهج الآخر لا يملك إلا التقوقع والإستفادة من الفتن والبقاء في انقسامات الماضي. لا بل أن هذا النهج التدميري، يقف حائراً أمام المبادرين والوطنيين، فلا يملك كالعادة، إلا التهجم وسيلة للدفاع عن عجزه وفشله لا بل إرادته في البقاء بعيداً من التفاهمات الوطنية.
وهذه بالضبط حال سمير جعجع، الحائر في عزلته المعرابية إزاء مبادرة رئيس التيار الوطني الحر، مواكبة للظرف الخطير الذي يمر به لبنان، مع الإندفاع الأميركي الأعمى لتغطية الهمجية الإسرائيلية. ذلك أن رئيس "القوات" هاجم اليوم حراك الوزير جبران باسيل، من دون أنْ يقدِّم بدائلَ عمليةً، وهو الذي لا يملكها أصلاً، ما أثارَ سخرية كبيرة عبّر عنها نواب "التيار" وكوادره، ولا مبالاة غالبية القوى السياسية اللبنانية المُنشدّة إلى الحدود الجنوبية.
وكان حراك باسيل اتّجه شمالاً وسُنّياً اليوم مع لقائه كتلتي "الإعتدال" و"التوافق"، خارجاً بمساحة مشتركة كبيرة من التفهم والتفاهم. أما اللقاء الأكثر تعبيراً عن النيات التصالحية والتفاهمية خدمة للبنان ومصلحته العليا، فكان مع رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية في بنشعي، حيث كان اتفاقٌ على "٩٩ بالمئة من القضايا" كما أكّد فرنجية، و "على مختلف الأفكار التي حول كيفية الالتقاء في مواجهة خطر الحرب والتوحّد في العمل واعادة الانتظام الى المؤسسات"، بحسب ما شدد عليه باسيل.
وخلاصة مبادرة رئيس "التيار" عبر جولته، ستكون غداً محور متابعة في مؤتمر صحافي، إضافة الى حديث تلفزيوني الأحد على LBC.
وعلى خط سياسي آخر، انتهت الجلسة التشاورية الحكومية إلى جدال كبير مع وزير الدفاع موريس سليم، الذي رفض اللهجة الفوقية في كتاب وجهه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يطلب منه فيه اتخاذ الإجراءات اللازمة لملء الشغور في القيادة العسكرية. وإن هذا دل على شيء فعلى أن طريق التمديد المقترحة لقائد الجيش لن تكون مفروشة بالورود كما يُعتقد.
في هذا الوقت، يشتد سعير الحرب الإسرائيلية التي تغطيها واشنطن وتوفر لها كل الإمكانات التكنولوجية والتسليحية، ما يثير المخاوف لجهة استمرارها وتوسعها. وفي وقت استمرت وتيرتها في الأراضي الفلسطينية على ما هي عليه، في موازاة الرد الفلسطيني بصواريخ طالت حيفا، كان الجنوب يلتهب مجدداً مع الإستهداف الإسرائيلي الذي يوقع يومياً شهداء لحزب الله، وكذلك قتلى في المراكز الإسرائيلية. وقد شملت ردود "الحزب" اليوم بالنار مراكز متعددة وخاصة في القطاع الغربي كحانيتا ورأس الناقورة وثكنة أفيفيم.
وفي التحركات الدبلوماسية التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القاهرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجدداً انحيازه للعدوانية الإسرائيلية في مقابل الهجوم على "حماس". أما السيسي فقد شدد على الحل السياسي ووقف الإعتداءات، من دون أن ينسى مواجهة المخططات الإسرائيلية في تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، مشيراً إلى أن خطط إسرائيل في القضاء على "حماس" يتطلب سنوات.